اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

المؤتمر تغيير في السياسة أم تدوير كراسي الساسة؟

كتب بواسطة : futurosahara on 19‏/12‏/2011 | الاثنين, ديسمبر 19, 2011


بقلم : محمد لبات مصطفى
ملاحظة : سبق وان نشر هذا الموضوع بمجلة المستقبل الصحراوي قبل انعقاد المؤتمر الثالث عشر للجبهة . وبما ان كل المؤشرات توحي ان لاشيء سيتغير نعيد نشره عسى ان يكون عبر لمن يعتبر خاصة وان المقال يتحدث عن اشياء كثيرة حدثت في هذا المؤتمر وهذا قبل حدوثها باكثر من عدة اشهر.
سينعقد المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، مع نهاية السنة الجارية ــ بيان الأمانة الوطنية 30 نوفمبر 2010ــ وسط انسداد أفق "مسلسل السلام" الذي لازالت جبهة البوليساريو تراهن عليه ولا تنوي التخلي عنه ــ حسب تصريحات المسؤولين الصحراويين ــ بالرغم من ان قيادة البوليساريو ألزمت نفسها بمراجعة التعاطي مع المسلسل في ظرف زمني لا يتعدي 6 أشهر.؟ الا ان المؤشرات ترجح بأن الجبهة ستخرج من المؤتمر كما كانت قبله، معلقة في المنطقة الرمادية بين التصعيد اللفظي ــ تهديدات المسؤولين ــ وبين خيار التفاوض العقيم. بين كفاح مسلح لا يستأنف، وبين سلام لا يتحقق. 
سينعقد مؤتمرالبوليساريو القادم ) أعتقد سيحمل اسم الشهيد المحفوظ علي بيبا، أو هكذا ينبغي له  (وستنتهي أشغاله، دون البت في ملف "مسلسل المفاوضات"، رغم تأكيد الأمين العام للجبهة الصريح بأن الأمم المتحدة قد خذلت الصحراويين )تصريح لوكالة "الاخبار المستقلة الموريتانية" ديسمبر 2010(. سينعقد المؤتمر كذلك دون حسم قرار الفصل الذي تبناه المؤتمر السابق، لتحديد الخط الفاصل بين تنظيم االجبهة وبين سلطة الجمهورية، ومن منهما يقود الآخر.؟ الشئ الذي حول عمليا التنظيم ) الحركة( إلى مؤسسة تابعة للادارة. فتجربة استهتار السلطة التنفيذية بمرجعية التنظيم السياسي ــ الجبهة ــ حد الانقلاب عليها عمليا والإبقاء على مؤسساتها شكليا، هي سابقة رفضها المؤتمرون، وخاصة مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الذين طالبوا في المؤتمر "بفصال الصدرة والحجرة" أو " فصال العمة والخالة" على حد تعبير أحدهم. سينعقد المؤتمر العام وسط مؤشرات تبين أن قيادة الجبهة لازالت تراهن على آليات العمل السياسي السابقة. هذه ليست أحكام من عندي، بل ان كل مشارك أو متتبع لأشغال المؤتمرات السابقة لن يكون بحاجة إلى كثير جهد أو عناء لانتظار البيان الختامي، أوالاطلاع على برنامج العمل الوطني، لكي يستنتج بأن المؤتمر "المؤجل" سيكرس واقعا سياسيا غلب على المنظمة منذ سنوات.
 ان البرنامج الحقيقي للمؤتمر سيقتصر على نقطة واحدة وهي الانتخابات التي ستكون من شقين. أولا: "تزكية" الأمين العام للجبهة بالاجماع لمنصبي الكتابة العامة، ورئاسة الدولة ) على الأرجح في غياب أرانب السباق(. سيضفى الأمين العام  بنفس الطريقه المعتادة شرعيته على أغلب أو كل عناصر القيادة "القديمة الجديدة"، التي ستفلت كالعادة من أية محاسبة في المؤتمر ) مساءلة سياسية أو مالية أو تنظيمية( . وعلى الأرجح سيكون تقرير الأمين العام للجبهة  هو المقدمة الضرورية لإفلات القيادة "السابقة اللاحقة" من أية مساءلة ومحاسبة تتجاوز الانتقادات اللفظية من دون أن تتحول إلى إجراءات عملية أو قرارات سياسية )الحرمان من التأييد الشعبي مثلا(، بمعنى أن الأمين العام للجبهة سيتحمل مرة أخرى أخطاء وتجاوزات كل العناصر القيادية. خلافا لمنطق "كل شاة معلقة بكراعها". زد على ذلك ان شريعة رب العالمين تقتضي أن لا تزر وازرة وزر أخرى. ان منطق الأشياء يقتضي ان كل من انيطت به مسؤولية واعطيت له سلطة ومال، أومنح صلاحيات لابد أن يسأل عن الكيفية التي استخدمها بها و الانجازات التي حققها.؟ 
على إيقاع التاريخ، سيطالب الأمين العام للجبهة المؤتمرين باعادة الثقة من جديد في القادة التاريخيين ــ أو ما تبقى منهم مع الاحترام الواجب لدورهم: حربا وسلما ــ كما سيذكر المؤتمرين بأسماء من يتواجد من أعضاء الأمانة في مهام خارج قاعة المؤتمر. وربما يعرج على ضرورة مكانة المرأة في القيادة السياسية، ويوصي بها خيرا. هذا ان لم يُعتمد نظام "الكوطة"، لينتهي المؤتمر كما بدأ مجرد "مهرجان انتخابي" لا يغير في اوضاع الصحراويين شيئا.
ثانيا: سيتم انتخاب أعضاء الأمانة الوطنية للجبهة، وسيمنح المؤتمرون مرة أخرى أصواتهم لنفس الأسماء التي كانت هي نفسها عناوين السياسات السابقة )ربما بتغيير أسماء قليلة جدا( بفارق أن أصحاب هذه الأسماء أو بعضها سينتقل في مواقعه صعودا أو هبوطا )لعبة تدوير الكراسي(، ولكنهم سيظلون بعيدون عن التأثير الفعلي، )قوة التعيين ( ولو ان بعضهم يعرف من أين تؤكل الكتف.؟ يناور ويداور، ويحرك عصاه السحرية عند اللزوم وفي المناسبات الوطنية المرتبطة بالانتخابات. إن قبول المؤتمرين باستمرارية تلك السياسات هي وعد بتكرار الأخطاء نفسها، من ذات االمسؤولين الذين عرضوا هيبة وكرامة التنظيم للتجريح من خلال تدني المثالية، وضعف القدوة. إنّ الوطن أكبر من ان يختزل بأرضه وسمائه، وبحره، وتاريخه في "جهة نافذة" أو " أشخاص متنفذين".
 ستكون اللجنه التحضيرية بلا شك عنوان المؤتمر القادم للجبهة. فهل سيكون أعضاءها أكثر انفتاحاً واستيعاباً للمتغيرات؟ لتأكيد الاستمرارية ولتعزيز الشرعية.؟ وهل سيتجاوز المؤتمرون سياسة "صيفط رحال" ويعتمدون طريق المكاشفة الكاملة التي تطفو فيها الحقائق على السطح وتختفي منها الازدواجية.؟ والشخصنة.؟ وهل ستعيد أشغال المؤتمر ترتيب جدول الأولويات في الساحة الوطنية بما يستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة، والمقبلة ؟ وبما يحفظ للمنظمة بريقها، وقدسيتها، ومكانتها.؟ وفي حال ان بقيت دار لقمان على حالها، فهل لازال متسعا من الوقت لتتدارك القيادة الوطنية تداعيات وضع سياسي حرج تعيشه جماهير الشعب، خصوصا في المدن المحتلة.؟  لابد من اعادة صياغة أوجه التعامل مع الذات، لتستمر شعلة العمل الجماعي مشتعلة في النفوس. فالمهمة الأساسية لأي استحقاق وطني هي مقاومة الاحتلال حتى زواله. 
المجد والخلود للشهداء، والموت والهزيمة للأعداء