اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

مقالات

احوال الطقس بالعيون المحتلة

المستقبل على الفيسبوك

البحث في الوقت الضائع / السيد حمدي يحظيه

كتب بواسطة : futurosahara on 20‏/07‏/2011 | الأربعاء, يوليو 20, 2011

 

قصة قصيرة

                                البحث في الوقت الضائع


الرسالة أمامها مطوية في انتظار وصول أحد ما ليقرأها لها.. هي تعرف فك الحروف وقراءتها بصعوبة، لكن لا تفهم معاني بعض الجمل الطويلة المعقدة. حسبت في أصابعها المدة التي قضاها الولد يدرس في كوبا.. " ذهب بعد استشهاد والده بخمس سنوات... مضت خمسة عشرة سنة الآن.. هو اليوم فوق العشرين."
أحست أول مرة أن العمر مر سريعا حقا، وأنه سرق منها ربيع الحياة، وأن النبض الذي كان يتدفق سيالا في دمها قد جف.. زوجها لم يبق منه معها سوى طفل واحد أو عبارة "استشهد في حرب التحرير"، أو بعض رياح الذكريات الغامضة التي تهب كلما نبض القلب بحب الحياة... سرق الزمن الحياة من دمها لحظة بلحظة. لم تفكر أبدا أن تتحقق نبوءة ولي صالح قال لها في صغرها "أن أول ولد لها سيولد في أرض تبيًض فيها الغربان."ا

* * * * * * * *

قرأ لها محمود، الشاب الذي درس وراء البحر مثلما يحلو لسكان مخيمنا تسميته، الرسالة القادمة من عند ابنها الذي يدرس في كوبا وراء سبعة بحار..في الرسالة قال لها ابنها " انه ملً، وأنه لا يستطيع أن يعيش في أرض تموت أسماكها في البحر من شدة البرد، ويتجمد البخار الذي يخرج من أفواه أهلها في الصباح" . وكتب لها أيضا أنه "عائد بمجرد أن يضع نقطة النهاية في أخر امتحان، وأنه إذا عاد فإن أول عمل سيقوم به هو البحث عن قبر والده كي يتعرف على مكانه شهيدا حين لم تمهله الحرب أن يتعرف عليه حيا." ولم ينس أن يخبرها أن والده يزوره دائما في الحلم لكن وجهه غير واضح الملامح."
ارتجف قلبها في صدرها بفعل العمل الغريب الذي ينوي ابنها القيام به. أول مرة تحس برجفة قوية مثل هذه في قلبها. عاشت في المخيم كل هذه المدة رغم شراسة الطبيعة والواقع وفساد المسئولين.. ظلت دائما تحيى بقوة نابعة من نفسها خلقها الاعتزاز بالعمل العظيم الذي قام به زوجها.. " استشهد في الحرب"، كلمة خليط من الحياة والموت، الفناء والخلود تلقى القبول من أهل المخيم الذين دفنوا مئات الشهداء.

***********

في اجتماع سكان المخيم قالت أنها تطلب من المسئولين أن يبحثوا عن قبور الشهداء ويجددونها خاصة أن أغلبهم دفن في أرض صحراوية تهيل عليها الرياح والرمال كل لحظة.. صفق الجميع لها احتراما لروج زوجها الشهيد، ولفكرتها التي تهدف إلى التذكير بالشهداء.. طرحت مشكلة البحث عن قبر زوجها على مسئول المخيم فأعطاها الحل في الحال.. كتب لها رسالة وقال لها: خذي هذه الرسالة وأذهبي إلى المكلف بملف الشهداء في الوزارة ليدلك على قبر زوجك."
سافرت وهي تحس أنها مسافرة – ليس من مكان إلى مكان- ولكن من زمن إلى أخر.. وضعت الرسالة على المكتب في انتظار الرد.. كان المكلف بملف الشهداء يبدو متواضعا ومحترما بسبب المهمة المكلف بها.." مكلف بملف الشهداء" وهو ملف مقدس في وجدان سكان المخيم.
قرأ الرجل الرسالة فتجمعت جيوش من الاستغراب والدهشة على صفحة وجهه وفي عينيه.
قال لها: أستطيع أن أعطيك التاريخ الذي استشهد فيه والمكان والمعركة.
قالت له: هذه المعلومات أنا أعرفها جيدا.
أعطاها رسالة وبعثها لمسئول اكبر منه بسبب عدم استطاعته حل مشكلتها.. قال لها المسئول الآخر: لكن لماذا تبحثين عن قبره بالضبط.؟
قالت: أريد أن أعرف مكان قبره ويعرفه ابني ليتذكره ويزوره في المستقبل.
أعطوها سيارة وبعثوا معها مرافقين يعرفون الأرض معرفتهم لأكف أيديهم. .. في المكان الذي ذهبوا إليه لم يبق هناك شيء ما عدا حفر عميقة خلفتها القنابل ولم تستطيع الرياح أن تطمرها.. لا توجد قبور ولا نصب ولا أي شيء.. لم يستطيعوا الاهتداء إليه بسبب خشونة الطبيعة التي لا ترحم..
عادت لخيمتها...
قال لها الترية، الرجل الذي لا تفارقه بذلته العسكرية حتى بعد نهاية الحرب: لا يستطيع أن يدلك على قبره سوى أصدقائه.
في لحظات قليلة تذكرت أن الكثير من الرجال زارها بعد استشهاد زوجها، وأن البعض منهم أدعى أنه شارك معه في المعركة التي استشهد فيها ليربط نفسه به وبالبطولة والشجاعة والتاريخ..
البعض قال لها يومها: احرق وحده عشرة دبابات.. رأيته بعيني هاتين يطلق النار على جيش العدو حتى فرق شمله.
قال لها رجل أخر: أصابته قذيفة فسقط قريبا مني. حملته بين يدي حتى واريته التراب.
قال لها ثالث: دفناه قل المغيب بملابسه. لم نغسله أو نكفنه، لكن المعجزة أن قبره كان محفورا بفعل قوة خفية كأنما كان ينتظر صاحبه بصفاته وقامته وعرضه وطوله.
لا زالت تتذكر وجوههم ولا زالت كلماتهم المضيئة، بفعل سحرها، محفورة في ذاكرتها كأنما سمعتها ليلة البارحة أو أول أمس فقط..
سألت عنهم فقيل لها: أولئك هم الرجال.. ذكرهم الله بخير. انتهى دورهم بنهاية الحرب، ولا أحد يعرف عنهم اي شيء الآن.          
" انتهى دورهم" صعد خيالها مع الكلمة الرهيبة التي تختصر خارطة الجرح حتى وصل إلى حدود الماضي والحاضر والمستقبل وتخوم اللا معقول.
راحت تبحث عنهم واحدا واحدا.
سألت عن أحدهم فقال لها رجل: أنت تسألين عن رجل لم يعد أحد يسأل عنه. كان يقول أنه يستطيع أن يهزم جيش أمريكا وحده. لا أعرف أين هو الآن.!!!
لكن اين هو الآن من خارطة الجرح الواسعة مثل الصحراء..؟ سألت رجلا يجلس على كرسي ينظر إلى الشمس فلم يجبها..قال لها الأطفال: أنه شبه ميت منذ زمن ولا يتكلم رغم ان عينيه مفتوحتين. كان مقاتلا شجاعا.
سألت عن الرجل الذي قال لها أنه دفن زوجها بيده فقال لها رجل في سوق الطوب: أنا اعرف مكانه ولكنه لا يريد أحدا أن يتصل به.
قالت له المرأة: من فضلك قل له إنني زوجة صديقه الشهيد الذي دفنه بيده.
قال لها التاجر وهو منهمك في عد أوراق النقود: أي أصدقائه الشهداء.؟ قال لي أنه دفن بيده أكثر من مئة شهيد.
سألت رجالا آخرين عن مكان قبر زوجها، لكن أحدهم فقد الذاكرة والآخر صار أصما فلم يفهما. قال لها البعض: قد لا يكون دفن في المكان الذي استشهد فيه. ربما حملوه ودفنوه في مكان أخر.. منهم من قال لها، أنه ربما يكون جرح وحملوه فاستشهد في الطريق ودفنوه في الظلام في مكان ما مجهول..
عادت تطوي صدرها على حزن هائل.. الرمل بلا ذاكرة والريح تعوي في الصحراء تسخر من بحثها عنه. الناس ذاكرتهم مشتتة، متصدعة، تكاد تكون فارغة تماما..لم تجد له أثرا في الذاكرة ولا قبرا فوق الأرض التي استشهد من أجلها.. خيل إليها أن ذاكرة الناس صارت مليئة بالغبار والتبن..
في اجتماع المخيم سألت الناس: كيف سأجيب إبني إذا عاد وسأل عن مكان قبر والده.؟
أخذ مسئول المخيم الميكروفون وقال لها: قولي له أن والده دفن في أرض الوطن. إذا عاد أبنك قولي له أن يصلي في أي مكان من الوطن فهناك يوجد قبر والده أو توجد بصمات بطولته..
لم تفهم أي شيء.. انتهى الزمن بالنسبة لها... راحت تتفرج على المشهد الذي رسمه السكان أثناء تفرقهم من الاجتماع في اتجاهات مختلفة، بينما كانت الريح تهب وتسير بقوة في اتجاه واحد...
 
الأربعاء, يوليو 20, 2011 | 0 التعليقات | إقرأ الموضوع كاملا

عادة دخيلة وخاطئة / محمد عبد الرحمن


من المعيب جدا, في وقت تتقدم فيه الشعوب العربية ,على درب الحرية وحقوق الإنسان,وتبتعد فيه عن تأليه شخص "الزعيم", نعود  نحن الى       " دار يامس " ,نحن الذين لم نعرف يوما قداسة لأي شخص مهما كان. طوال تاريخنا " ما قط احكم فينا مليك ولا سلطان ", نعم نحترم بعضنا نجل كبارنا , لكن أن نرفعهم الى درجة ما قاله شاعر منافق يوما ما – ابن هانئ الأندلسي- للمعز لدين لله الفاطمي .                                     " ما شئت لا ما شاءت الأقدار      فاحكم فأنت الواحد القهار ".              هذا ليس من طبعنا  أبدا, أبدا.                                                إن الداخل الى أي إدارة عامة , في أي مؤسسة ,يجد صورة كبيرة "بوستر" لرئيس الدولة , الأمين العام للجبهة ,وهذا أسلوب دخيل غريب, وعادة غير حميدة تسللت إلينا, والشعوب التي احترفت تعليق صور الزعماء الأحياء,هي شعوب دول  فاشلة ومتخلفة , غير أن الزمن تغير ونشرات الأخبار تمتلئ بالمواطنين الذين مزقوا صور الزعيم واسقطوا تماثيله .
صحيح أن الوضع عندنا ليس بالحجم الذي عرفته الدول العربية والمتخلفة عموما , لكنه سيصبح كذلك إن لم نتدارك الأمر فالزمن هو الذي يراكم ويحول أي أمر عظيم أو تافه الى عادة مستحكمة .
هل تعلم انه في مؤتمر النساء الماضي قالت الرسالة الموجهة الى رئيس الدولة إن المرأة حققت ما حققت بفضل رعايته السامية , دون الاشارة الى دور الدولة أو الجبهة أو المجتمع, وهذا نفاق بين لا غبار عليه , ومن هنا نستشعر الخطر الزاحف , اذ لم يكن من داعي أصلا أن توجه رسالة الى رئيس الدولة.
وهل تعلم ان رئيسة الجامعة الصيفية لهذه السنة  بنت كلمتها الختامية والتي امتدت تسع دقائق على ان وجود الرئيس في ختام اشغال الجامعة  والوزير الاول في افتتاحها دليل على الاولوية التي تعطيها الدولة والجبهة لهكذا جامعة!؟ هل هذا مقياس للاهتمام ام لاشياء اخرى ؟ هل كل الامور و الأنشطة التي يغيب عنها أي من الشخصين يعني عدم احترامها وتأخرها في سلم الأولويات ؟ إن صح قولها فالأمر خطير و كارثي !!! ماذا نقول إذن عن غيابهما عن حضور جولات المفاوضات بين الجبهة والمغرب (على سبيل المثال ) ؟ هل سمعتم في دول المواطنة والمؤسسات أن حضور الرسمي هو شرط الاهتمام ؟  ما هذا الهذيان؟ وكيف يستسيغ الآخرون أصلا مثل هذا الهراء و الكلام الأجوف؟ الذي لا معنى له ولا فائدة منه  سوى المديح على الطريقة العربية التقليدية يمدح الشاعر الأمير و يجزل الأمير العطاء له من مال الدولة , ثم أضافت  رئيسة الجامعة الصيفية وبالحرف " اشكره واعبر له عن عظيم امتنانا وعزيز عرفاننا جميعا بهذا التكريم والتشريف الذي خصنا به وأغدقه علينا " فهل كان الحضور  - يا سيدتي - جزءا من العمل والبرنامج واهتمام الدولة ؟ أم كان تشريفا خصوصيا مغدقا؟
وهل تعلم – ايها المواطن - ان الجملة الوحيدة المفيدة التي قالتها الوزيرة في كلمتها هي" أن للدولة الصحراوية إستراتيجية وطنية شاملة للتنمية البشرية والبناء المؤسساتي " فرغم جمال الجملة ومثاليتها لكنها مخالفة للحقيقة مع الأسف (الى كذبنا مع الناس ما نكذبو اوحدنا) إذ لا توجد هذه الإستراتيجية  لا في برامج الحكومة ولا في برنامج  وزارة التعليم والتربية ولا في الواقع والدليل لو ان المؤسسة موجودة اصلا والشخص المناسب في المكان المناسب(إستراتيجية التنمية البشرية ) ما كنا لنسمع مثل هذا الكلام الباهت.
وهل تعلم ايضا انه في مناسبات أخرى, كتب على لافتات كبيرة "تحت الرعاية السامية للوزير الأول" , ألا يكرر مسوؤلونا بمناسبة وبغيرها , أن وضعنا استثنائي , إذن عليهم أن يحترموا هم أنفسهم هذا الاستثناء ! وان يلزموا غيرهم باحترامه , فلا يستطيع سويدي مثلا أو أي غربي جاء لأجل دعم قضيتنا ,والوقوف الى جانب شعبنا في كفاحه, من اجل تقرير المصير, أن يفهم وجود صورة لشخص مازال على قيد الحياة ,مهما كانت وظيفته  تتوسط جدار إدارة الوزير, أو الإدارة العامة للمؤسسة أو غيرها , لا يستطيع ان يفهم ,كيف لكادر شعب يحارب من اجل الحرية, بكل معانيها وقيمها الإنسانية , ان يقبل بمثل هذه الحركات البهلوانية الساذجة, ويعتبرها من صميم النضال والوفاء   .
إن الصورة – للأحياء- لا تعبر عن تقدير لهم, وغيابها لا ينزعه عنهم لكنه النفاق وما يجر ورائه من ذميم العادات  , فهلا انتهينا لاسيما نحن الصحراويين معروف عنا الكرامة و عزة النفس والاحترام الحقيقي غير  المبتذل .
للشعب الصحراوي من الشهداء قادة وغيرهم رجالا ونساء المئات بل الآلاف , وهؤلاء وحدهم من يحق لهم أن تعلق صورهم وتمجد آثارهم.
كنا السباقين في المنطقة العربية و حتى الإفريقية , في إنشاء مجتمع المواطنة والفرص المتكافئة ,وفي انسنة الإطار , وكنا النموذج حينا من الدهر ,ما جعلنا نشعر بالزهو والفخار, ونرفع الرأس عاليا بين الأمم,لكن  واه من " لكن" ومرارة طعمها , تراجعنا في كل شيء, عندما حاولنا منع عجلة الزمن من الدوران , ووقفنا ضد سنن الطبيعة التي تفرض التغيير والحراك وفرضنا الواقع المرفوض ورضينا به , فقعدنا مع القاعدين .
                
الأربعاء, يوليو 20, 2011 | 0 التعليقات | إقرأ الموضوع كاملا

حق تقرير المصير وحق إنتاج البترول

كل شعوب الأرض تحلم الآن أن تكتشف البترول في أراضيها، وحتى الشعوب والقبائل التي لا زالت تعيش في الأدغال، أصبحت تحلم أن تتحول، بقدرة قادر أو بعصا ساحر، آبار مياهها التي تسقي منها مواشيها إلى آبار بترول حتى تتم إعادة الاعتبار إليها.
 الشيء الوحيد الذي لم يجربه الصحراويون إلى حد الآن، رغم إن بعضهم من الممكن أنه فكر فيه وبجد، عله يجعل العالم القوي يجود عليهم بالتفاتة أو بنظرة عطف ولطف هو أن ينقبوا عن البترول في المناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية. أي في الجنوب الصحراوي وبصفة محددة في التفاريتي أو بئر لحلو وما جاورهما.  وبالمقابل ليس من مصلحة الصحراويين وبالمطلق الآن والآن فقط أن يتم اكتشاف البترول في الجزء المحتل من الصحراء الغربية؛ أي في الجزء الواقع خلف حزام الذل والعار. فاكتشاف البترول في الجزء المحتل من الصحراء الغربية سيزيد من معاناة الصحراويين وسيجعل المحتل يبالغ في احتلاله. أكثر من ذلك سيجعل القوى الكبرى تتكالب أكثر ضد الشعب الصحراوي، وبدل أن تستمر في عدم اعترافها للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية ستعترف له بالسيادة وبالقيادة والريادة وتطلب منه أن يضم بالقوة المناطق المحررة.
في الحقيقة يتمنى الصحراويون ولو في غرارة انفسهم لو أن البترول تفجر عيونا يوما ما من المناطق المحررة، بل أن بعضهم، ومبالغة في التمني، لا بد أنه تمنى يوما ما لو أن آبار الماء في زمور وتيرس تحولت  إلى آبار بترول.  تعرفون لماذا؟ في الحقيقة ليس حلما بالغنى الفاحش ولا رغبة في تضخيم الأموال التي يدر البترول، إنما بسبب أنه إذا تم اكتشاف بئر أو اثنين من البترول في الجزء المحرر من وطننا سيجعل العالم القوي يلتفت إلينا وفي اقل من أسبوع سيجعلنا حديث الساعة والدقيقة والثانية، وكتحصيل حاصل سيساعدنا على الحصول على تقرير مصيرنا وسيفرض تنظيم الاستفتاء بل قد يشن الحرب على المغرب إذا رفض " الانصياع" للشرعية الدولية. الآن حسب منطق العالم القوي فإن الشعوب المحقورة والمُستعمرة والمدبورة والمسحوقة والمدقوقة والمحروقة مثل الشعب الصحراوي والفلسطيني لن تستطيع إن تصل إلى استقلالها إلا بمساعدة قوية من دولة كبيرة أو أكثر مقابل دعم بترولي. قديما كانت مثل هذه الشعوب تلجأ إلى القوة والثورة حتى تحرر أوطانها؛ الآن لا؛ حتى حق اللجوء إلى القوة لاستعادة حق مغتصب نهارا جهارا أصبح ممنوعا على مثل هذه الشعوب، وإذا جازفت ولجأت إلى القوة بدون أمر من دولة عُظمى فتلك نهايتها: ستُتَهم بالإرهاب وبمخالفة الشرعية الدولية وستُحطم السماء فوق رؤوسها بسبب ذلك. إن مثل هذه الشعوب التي أصبح الشعب الصحراوي والفلسطيني رمزان لها بعد استقلال كل من يملك بترولا على وجه الأرض عليها أن تنسى مبدأ تقرير المصير والقانون الدولي والشرعية الدولة وما إلى ذلك من تلك المبادئ الفارغة التي لا معنى لها، لكن بالمقابل، وهذا هو الأهم، عليها أن تكتشف البترول في حقل ما من أراضيها. الآن أصبح حق اكتشاف البترول هو المبدأ الذي تتعامل به الأمم المتحدة ومجلس الأمن والعالم أجمع. مثلا، في سنة 1990 م حشد العالم من الجيوش والقوات ما يعجز عن وصفه اللسان لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم. وبسبب إن الكويت هي إمارة تجثم على بترول هائل ومباح فقد تم تحريرها في عدة أيام فقط. علينا أن نتصور أو نفترض أن الشعب الكويتي المسكين لا يمتلك بترولا( ماهوفالوا) أو يمتلك بترولا غير مباح، هل كان هذا الحشد الهائل من القوات سيسارع إلى نجدته.؟ تصوروا أيضا إن الكويت بلا بترول والعراق له بترول ومباح هل كان أحد سيقف مع الكويت.؟ إطلاقا. مثال آخر. سنتان أو ثلاثة بعد تحرير بترول الكويت وقف العالم مع شعب ارتيريا وساعده على تقرير مصيره وشن الكثير من الحملات على النظام الشيوعي في إثيوبيا لحثه على تقرير مصير أرتيريا وإلا...!. السبب ليس حبا لشعب ارتيريا ولا كرها في اثيوبيا، لكن لإن هذه الأخيرة لا بترول لها بينما مناطق من أرتيريا، حسب الأقمار الصناعية الأمريكية، تنام على بحيرات من البترول، والآن هناك نشاط أمريكي كبير للكشف عن البترول في أرض ارتيريا.                  
منذ مدة قصيرة حصل شعب جنوب السودان على استقلاله التام غير المنقوص بشبر واحد، بل أنه أصبح في وضع من القوة يجعله يطالب ببعض الأراضي السودانية. قبل كل شيء مبروك عليه؛ هم السابقون ونحن اللاحقون.إن استقلال شعب جنوب السودان، رغم التضحيات التي قدمها، لم يكن ليحدث لو كانت أرضه جافة وخالية من البترول. من جهة ثانية لم يكن شعب جنوب السودان ليستقل لو لم يكن سمح للغرب بأن يبحث وينقب ويجهر ويحفر وحتى يغير مسار الأنابيب التي كانت تمر عبر السودان وغير طريقها لتمر بمكان آخر. تصوروا شعب جنوب السودان المظلوم، المكافح الذي يسكن أغلبه في الغابات والأدغال بدون بترول؟ هل كان أحد سيلتفت إليه.؟ بكل تأكيد لا.
إن استقلال جنوب السودان التام بلا تبيعة قد جعل الشعب الصحراوي يغضب؛ يغضب ليس كرها في الحرية ولا كرها لرؤية شعب يستقل أو كرها لشعب السودان. بالعكس تماما: الشعب الصحراوي يعشق الحرية ويجب شعب السودان كثيرا والدليل على ذلك اعتراف الجمهورية الصحراوية بالدولة الجديدة في جنوب السودان. الذي جعل الصحراويين يغضبون( ينطعنوا)  هو أنهم لم يهتدوا بعد إلى البترول - إن كان موجودا- في الأراضي المحررة حتى يلتفت إليهم العالم. وليس هذا فقط هو سبب غضبهم إنما أنهم تأكدوا بصفة نهائية إن العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن لا يعترفون بحق ومبدأ تقرير المصير إلا على الورق، وان حق اكتشاف البترول أهم بكثير من حق تقرير المصير.    
بقلم : السيد حمدي يحظيه
الأربعاء, يوليو 20, 2011 | 0 التعليقات | إقرأ الموضوع كاملا

حول ضرورة التغيير مرة أخرى وليس أخيرة

إن إصلاح النظام مطلب شرعي, وضرورة ملحة , وكل تقاعس عن تحقيقه ,ندفع ثمنه من قدرتنا على الصمود, وهو أمر لا يختلف حوله اثنان, لكن الاختلاف والجدل , موجودان حتما في معنى الإصلاح وكيفيته.
فلا خلاف على فساد معظم رموز النظام , في أجهزته التنفيذية والتشريعية و القضائية , فقد بلغت هذه الرموز من الفساد والتعفن درجة ما عاد ينفع معها سوى الإقالة أو العزل, وهذا هو أيسر الحلول نظريا على الأقل, لكنه من السذاجة بمكان الاعتقاد أن تغيير هذه الرموز, سيؤدي تلقائيا الى الإصلاح.
لن يحدث تغيير حقيقي, ولا إصلاح منشود للنظام ,ما لم نعمد الى الفصل بين السلطات , وخلق مؤسسات حقيقية , وأجهزة رقابة ومحاسبة قوية وفوق ذلك تداول على السلطة, وتحديد الصلاحيات , فالتذرع بالوضع الاستثنائي  لم يعد مقبولا, لا شعبيا ولا واقعا ولا زمنا ,فتجارب الإنسانية في الحكم والإدارة, كلها تدل على أن الديمقراطية هي أفضل المتاح .
إن الطريقة التي ندير بها شؤوننا في الحكم والسياسة خاطئة ,والدليل ما نحصده من نتائج مخيبة في هذه المجالات, فالاتكال على الضمير أو الولاء, واعتمادهما في اختيار الشخص أمر يثير الشفقة, فالدولة مجموعة من المؤسسات بعضها يكمل دور الأخر, ويتطلب الكفاءة والمهارة (تفاصيل ليدين)وليس حسن النية ,أو الطاعة العمياء ,التي ظاهرها المصلحة العامة وباطنها النفاق والرياء , فمهما أوتي سائق السيارة من حسن النية وسلامة القلب, فلن ينفعه ذلك إذا تعطل محركها , فما سينفعه وقتذاك ,ورشة إصلاح وعقل خبير ويد مدربة ,و أحرى الدولة التي هي عبارة عن محرك عملاق ,يحتاج لورشات وعقول و أياد عديدة , وعليه سنظل نراوح مكاننا البائس, إن ظلت أدوات الفشل  نفسها بدرجة أولى, ثم الأشخاص في الدرجة الثانية ,ومن الطبيعي إذا تحكم الاصطفاف القبلي و المحاصصة , فقدت الدولة مناعتها المقاومة لكل أنواع الطفيليات والجراثيم , ويتصدر الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي المشهد, وتستقيل الدولة وتفقد هيبتها ,أمام مواطنيها قبل أعدائها , ما أريد قوله أن تغيير الأشخاص, لن يؤدي الى الإصلاح المنشود , فالتغيير عملية اجتماعية وسياسية وثقافية معقدة, متى ما اصبح المجتمع مهيأ لها أو على استعداد لها , وقد كانت فرص النجاح بالتوجه نحو مستقبل واعد اكثر من متاحة أضعناها جميعها بكل أسف لأسباب عدة معظمها تافه .
لكن الحقيقة الصادمة والتي أخشى قولها هي أن اخطر ما في الأمر أننا نحن (الشعب) اكبر العوائق أمام التغيير الحقيقي ذلك أن السلبية تحكمت منا وفينا وتسربت الى مفاصل جميع شؤوننا الخاصة والعاملة فالقبلية هي العملة المتداولة والسلعة الرابحة في كل شأن حتى غدت جل مؤسسات الدولة عبارة عن (فرقان) وصار الوزير يزايد على الدور التقليدي لشيخ القبيلة , وأصبحت الاستحقاقات الوطنية محطات لتعزيز النفوذ القبلي وتحقيق المزيد من "المكاسب" والمناصب , وضع كهذا لا يبعث على الأمل لا في التغيير ولا في المستقبل , خصوصا إذا علمنا أن الأمر تجاوز الشيوخ الى الشباب وانتقل من الوزراء الى الكوادر المستقبلية , ما يحز في النفس , أن ترى وتسمع -عماد الأمة- الشباب والطلبة ,يضع القبيلة في منزلة أعلى من الدولة ,ويعتقد بإيمان  لا يحسد عليه,  أن الدولة ومؤسساتها ,إنما وجدت لخدمة القبيلة ,في كل شؤونها و إلا فالطوفان  .
وصدق المتنبي حين قال " نعيب الزمان والعيب فينا".
بقلم : محمد عبد الرحمان
 www.futurosahara.net مجلة المستقبل الصحراوي
الأربعاء, يوليو 20, 2011 | 0 التعليقات | إقرأ الموضوع كاملا

رئيس التحرير : لمجلة المثقف الصحراوي ..المستقبل الصحراوي ..بذرة نمت من صحاري المعاناة

رغبة منا في تعميم الفائدة تنشرالمستقبل الصحراوي  لزوارها الكرام النص الكامل للحوار الصحفي الذي خص به السيد احمد بادي  محمد سالم رئيس التحرير مجلة المثقف الصحراوي الاليكترونية .
 نص الحوار:
يسر " المثقف الصحراوي" ان تلتقي في حوار صريح مع احد رواد المثقفين الصحراويين الشباب ورئيس تحرير مجلة " المستقبل الصحراوي" المستقلة والتي تعتبر للكثيرين مصدر "مستقل" للاخبار وموقع متقدم لطرح افكار ومقالات تتناول مواضيع مهمة وبأراء مختلفة . احمد بادي - والكلام عليه - ومن خلال كتاباته التي مزجت بين المعنى الهادف و اللغة العربية الجميلة والتي تتخللها احيانا "نسمات حسانية" تعطي لتلك المقالات بعدا ثقافيا اضافيا تدل على وسع ثقافة الكاتب ضف على ذلك جرأة الكاتب في طرح افكاره والتعبير عنها بأسلوب جميل علها تحظى بإهتمام وقبول القراء ، كتابات لاستاذ احمد بادي تتميز بصفة فريدة لاتتوفر في غالب الكتابات التي نراها على صفحات المواقع الاخرى وهو انها "ولدت" وكتبت في عمق الصحراء الغربية ومنها اخذت طريقها الى العالم الخارجي، الامر الذي اعطاها " طعم" اخر لا يشبه " طعم" تلك الكتابات الآتية من وراء البحار وزادها " شرعية" اكثر من شرعيتها .
كنت من اوائل الشباب الصحراوي الذين أوجدوا مصطلح" الرأي الآخر" في المجتمع الصحراوي من خلال صحيفة " المستقبل الصحراوي". كيف كانت التجربة في بداياتها؟
 الحقيقة أن طريق الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة . من طريق مليء بالمطبات وفي واقع غلب عليه الصمت المطبق وبعد وئد أو لنقل فشل بعض التجارب الصحفية التي كانت رائدة وحاولت خلق حراك ثقافي ما داخل المخيمات ونقصد هنا تجربة مجلة "الإستفتاء" التي كانت تصدر عن اللجنة الصحراوية للإستفتاء , ومع حاجة الساحة الوطنية لهكذا تجارب مماثلة ولدت المستقبل الصحراوي داخل حرم الجامعة وشارك في صنع المخاض كوكبة من الشباب الصحراوي جلهم ولد وتربى داخل مخيمات اللاجئين الصحراويين ثم كان ماكان بإرادة الله وعزيمة الذين أمنوا بالمثل الصحراوي " ماخالقة جدبة ماأوراها ريظة". من صحاري المعاناة نمت بذرة المستقبل الصحراوي
اليوم - بعد سنوات من العمل في بعض الاحيان "عكس التيار" كيف تقييم تجربة "المستقبل الصحراوي"
 تجربة المستقبل الصحراوي كانت غنية وثرية أحيانا حتى بالنوادر المضحكة ولم تسلم بكل تأكيد من بعض الأخطاء لأنها ليست كتاب مقدس ,لكن على العموم شكلت طفرة داخل الساحة الوطنية وحاولت خلق حراك ثقافي كبير يكون فيه الجدل بالفكرة وليس ببعبع القبيلة والمن على الآخرين . وخلال أكثر من عقد من نشأتها ظلت المستقبل الصحراوي قريبة على الأقل من هموم القاعدة الشعبية تحاول تسليط الضؤ على مايراد السكوت عنه ودفعت لهذا ثمنا باهضا أصبح فيه طاقمها وكأنه خارج عن الإجماع الوطني أو بعبارتك انت "خارج التيار" أو برايء المفكر الجزائري الراحل محمد أركون " خرق السياج الدغمائي المغلق" حيث سيج النظام نفسه بكل أسباب ترسيخ ثقافة الطاعة والتنفيذ وتصنيف الناس بين الوطني الفذ والخائن المرتشي وإستفرد بمنح صكوك المغفرة والبراءة الوطنية بالطريقة التي يريد ها هو وبهذه السياسة سار المثقف أشبه بي "فائض بشري" على رأي فوكو .يراد لأدبه وثقافته وإبداعه أن يخدم النظام وسياساته وإلا أصبح منبوذا فيما يشبه العودة لأيديولوجيا القرون الوسطى . بقي القول كذلك ان تقييم تجربة المستقبل سيبقى للتاريخ لحكم الناس عليها لرؤيتهم للأشياء وقد بدأت الأرض تتحرك من تحت أقدام الذين حاولوا ان يجعلوا من الظلام المعرفي سبيل لتحقيق مكسب سياسي . على الأقل يحسب للمستقبل الصحراوي أنها إجتهدت في أن تكون ضؤ في آخر النفق لم يخرج يوما عن مقدسات الشعب الصحراوي تجسيدا لشعارها "إعلام وطني يخدم القضية ولايقدس الأشخاص".
مامعنى ان تكون الصحيفة الالكترونية "مستقلة" في رأيك ؟
 بفكرة بسيطة أن تكون لديك قضية مقدسة تؤمن بها , وأن لاتنتظر سماء النظام ان تسقط عليك كنزا من الفضة او الذهب . وأن تستغل الشبكة المعلوماتية بشكل مفيد للقضية التي تؤمن بها وأن تدرك ان لااحد وصي على مصير الشعب الصحراوي دون غيره. وفي زمن العولمة "اللي ماشاف السماء لاتنعتولوا".
 - بعض القراء او متصفحي يرى أن " المستقبل الصحراوي" - وخصوصا بعد ان تحولت الى شبكة الانترنت - أصبحت " صحيفة نخبوية" وان قارئها او بالاحرى متصفحها ليس بالضرورة ان يكون " صحراويا" اي ان تاثيرها أصبح محدودا على العامة. هل توافق هذا الرأي؟
 ليس الذنب ذنب المستقبل الصحراوي ولاخيارها المجبرة على سلوكه ,إنهم أعداء النجاح الذين حاربوا المستقبل الصحراوي طويلا ولازالت الحرب بيننا وبينهم سجال أولائك الذين سمحوا بل تهافتوا على إعلام العدو بشكل أثار سخرية حتى الصحفيين المغربيين من مجلة "نيشان المغربية" بن شمسي ورفيقه اللذين إعتبرا زيارتهما للمخيم حدث في حد ذاته قبل أن ينشرا تحقيق ساخر عن الوضع في المخيم وينشرا الغسيل الوطني الوسخ دون ان ينبس احد ببنة شفة .هؤلاء الذين حاولوا حتى منع الطاقم من إكمال دراسته الجامعية بحجة التأثير على القضية الوطنية داخل الطبقة المثقفة هم الذين حتموا على المستقبل الصحراوي أن تتحول الى الشبكة العنكبوتية كآخر حل لإستمرار النبض . لقد منعوا النسخة الورقية من الصدور وحاولوا بشتى الوسائل التقرب للمكتبات التي تصدر منها المستقبل الصحراوي للتأثير عليها رغم اننا كنا نقوم بكل شيء من جيوبنا الخاصة وبوسائلنا مادية المعدمة أحيانا يصدر العدد ولايتم دفع الديون المترتبة عنه إلا باشهر بعد ذلك وللحقيقة فإن بعض القيادات في السطلة الصحراوية عرضت علينا تمويل دائم للمجلة مقابل تغير خط تحريرها بما يناسب رؤية المالك الجديد لكننا رفضنا والتاريخ سيكشف للعامة الكثير من الإبتزاز الذي تعرضنا له مقابل السكوت من قبل الذين يتقربون زلفى للسلطان بسب المستقبل الصحراوي لكنهم يشتمون بل ويسخرون من سياساته كلما قبلناهم خلف ظهر السطان وبالتالي لم تكن المستقبل الصحراوي تريد ان تكون مجلة نخبة لان النخبة لبعضها ألسن أطول حتى من كل طاقم المستقبل وكنا في العدد الأول قد حددنا هدف المستقبل بأن تكون للقاعدة ومنها وأن تنقل همومها دون ان تكون ناطقة بإسمها لانها لم تخولها ذلك .أكيد في ظروف كهذه ومع غياب النسخة الورقية خاصة إذا ماعلمنا ان المخيم لاتتوفر فيه وسائل تسمح بالإطلاع على الشبكة العنكبوتية بشكل دائم ومستمر ويومي يقل تاثير المستقبل الصحراوي بل البعض إعتقد أنها مجرد مغامرة وإنتهت لكن العكس النبض سيبقى طالما وجد من يؤمن بذلك
على رايء المثل الشعبي " اللي يكرهك يحلم عنك حلم شين"-
في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة عامة وتطورات القضية الصحراوية في المرحلة الاخيرة اي دور للمثقف الصحراوي تراه مناسباً. هل هو حاضراً ام مغيباً ام غيب نفسه؟
 في مرحلة السبات التي تعتري الشعوب وهي سائرة نحو تحقيق طموحها المشروع في الإنعتاق يبرز دور المثقف الطلائعي بإعتباره يمثل القبس الذي تصطلي الجماهير من جذوة إبداعه كي تهتدي او تجد على النار مايدفيء برودة واقعها المرفوض وبالتالي فحضوره أكثر من ضروري لكن سلوكات العديد من المسؤولين داخل الجبهة قضت على هذه الطموحات والآمال غيبت المثقف الصحراوي عن مسرح الأحداث داخل مخيمنا المتواضع فأختار البعض الغربة كملجأ واختار الآخرون العزلة إذن فالمثقف غُيب لحاجة في نفس يعقوب وأستغل النظام ضعف المجتمع وفقره الثقافي كي يمارس إستبداده السياسي أو الهيمنة بتعبير غرامشي .
 هل انت " صحراوي مثقف " أم " مثقف صحراوي". هنا تأتي جدلية إثبات الهوية والثقافة عند الانسان - المثقف - الصحراوي الذي عليه اولا إثبات "هويته" ثم عليه لاحقا الدفاع عن "ثقافته". هل صادفتك هذه الجدلية ام أنها قضية مفتعلة؟
جواب :أنا صحراوي يحاول ان يكون مثقفا لان الثقافة سلوك حضاري وكمال بشري يطمح الجميع لسلوك سلم قيمه الفعال فإن لم تكن صحراوي تعتز بأصالتك فكيف ستكون مثقف يفهم كنه الثقافة وبعد الحفاظ على الهوية في عالم يتحرك بسرعة هائلة . إن المثقف غير المحصن من الشيزوفرانيا لايستطيع ان يصنع لنفسه شيء فكيف سيقود شعب نحو الفكاك من الإستعباد . فالهوية إذن هي المحدد الرئيس لمقياس الثقافة والحقيقة أن الصحراوي المثقف والمثقف الصحراوي ليس جدلية مفتعلة بل هي حقيقة لانه ثمة مثقفين لايربطهم بالصحراء سوى الأصل البعيد أقصد في السلوك واللباس والفكر أي أنهم يعيشون انفصام شخصية غريب .وثمة آخرون يعتزون بشرب لبن النوق ولكنهم يداعبون لوحات المفاتيح صبيحة كل يوم وبعبارة آخرى "الطير ألا من فرقوا ".
ناتي الى الحديث عن موضوع الساعة وهو " الإصلاح" . اي نوع من اصلاح وضع الصحراويين حتى لانقول " اصلاح النظام السياسي" تراه مجديا في الوقت الراهن. هل هو - الاصلاح من داخل النظام نفسه" ام "النموذج الثوري" هو الانسب؟
 من منظوري الشخصي والذي يحتمل ألف خطأ فإن النموذج الثوري ليس هو الأنسب بل هو المطلوب والضروري ,إذ أن النظام نخر الدود في جسمه منذ سنوات . أن تصل نسبة الأمية الى ماهي عليه الآن من عدد كبير داخل مخيمات اللاجئين .وأن يذهب المواطن لمستشفيات ويعود ولم يجد من يسعفه . وأن يكون المواطن في أمنه غير مطمئن لغياب القضاء العادي الذي يوقع العقوبات على المجرمين . وأن تكون القبيلة هي المحدد الرئيسي في تقلد أي منصب في هيئات الدولة فإن معنى ذلك واضح جدا أن بلاد السيبة تعيد تاسيس نفسها من جديد هذه المرة بعيدا عن حيزها الجغرافي المعروف تاريخيا. ومادامت الثورة هي الطفرة التي تصنع المعجزة كما حدث من قبل يصبح وصل الحنين الى أيامها امر مفروق منه على رأي الشاعر الاندلسي :
جادك الغيث إذا ما الغيث وكف يازمان الوصل بالأندلس .
كثير من عامة الناس وحتى المثقفين يرون ان الذين يطالبون بالاصلاح السياسي انما يحاولون " السطو على الكرسي". كيف يمكن في رأيك إقناع - إطمئنان - هؤلاء وغيرهم بأن "المصلحين الجدد" لن ينسخوا العادات- الغير ديمقراطية - "للثوار القدماء" ؟
 إن هذا الراي يبقى صحيحا الى حد ما ذلك أن الراسب الثقافي للمجتمع تعود هذا النمط من قبل بعض الذين دعو للإصلاح ثم إنقلبوا على عقيبيهم بعد ان أغرتهم السلطة ليتحول سلوكهم من الفرد الى طاغية يستنبطن ديمومة الكرسيء من تجارب "الثوار القدماء" وبما اننا مجتمع بدوي فالصورة التي تنطبع في ذهن البدوي يصعب محوها بشكل سريع كما يرى ذلك إبن خلدون في وصفه لطبائع وعادات اهل البدو في مقدمته المعروفة .لكن دعنا مثلا نمنح الفرصة لهؤلاء الذين يطالبون بالإصلاح كي نكتشف حقيقتهم أليس "المدرق بليام عريان"وام السارق ماتبطى امزغرتة" لندعهم ثم لنرى . لايعقل ان نظل ندور في حلقة مفرغة وعلى ركح مسرح واحد نفس الممثلين ونفس المخرج وننتج نفس الملهاة,
 لاحظنا في الفترة الاخيرة ظهور مايسمى " شباب الثورة الصحراوية " خاصة على موقع المستقبل الصحراوي هل هي فكرة جادة في رأيك ام ان الامر لا يتعدى نسخ " تحامير" فكرة الثورات العربية "اباش مانبقاو احنا التاليين" ؟
 جدية الفكرة يمكنك ان تسال عنها أحد اعضاء هذه الحركة المؤسسين وانا لست احدهم بكل تاكيد وقد دخلت نقاش مع بعضهم حول تجاوز واقعنا لمنطق الإصلاح بمعنى آخر الدواء الكيء أي الثورة وليس الإصلاح .لكننا في المستقبل الصحراوي تعاملنا معها ولازلنا من منظور انها حركة شبانية سلمية نتضامن معها دون ان نكون ناطقين بإسمها رغم ان بعض الاخوة في الطاقم اعضاء فاعلين فيها حيث لديهم نشرية خاصة بهم تسمى"05مارس" لكن نضمن لهم حقهم في تغطية نشطاتهم بما يتماشى ودورنا كوسيلة إعلام مستقلة تبحث عن السبق وتؤمن بحق كل الصحراويين في التعبير الحر ولنا تجارب سابقة في نشر نشاطات حركات إصلاحية آخرى طالما ظلت هذه الحركات تقدس القضية الوطنية وتدافع عن ثوابت الشعب الصحراوي فإنه لامانع لدينا في المستقبل الصحراوي من قتح الأبواب لها .
 عطفا على السؤال السابق لاحظ الجميع ان الثورات العربية كان وراءها مايسمون أنفسهم " شباب الفيسبوك والتويتر". هل ترى لهذه الطبقة دور في المجتمع الصحراوي - التقليدي -؟
 في واقعنا الحالي لاأعتقد انه ثمة دور حقيقي أو على الاقل في المدى المنظور لهذه الطبقة داخل المجتمع الصحراوي التقليدي .وهذا شيء منطقي لغياب الكثير من الوسائل المساعدة في ذلك على الأقل لاتوجد غرف خاصة بالأنترنيت داخل كل ولاية .ثانيا حتى الكثير من مستعملي الشبكة لايستعملون كثيرا مواقع التواصل هته . "ماقام بعقالوا ايقوم بثناه" اعتقد الطريق لازال طويلا والله اعلم .
 دائما في إطار موضوع الاصلاح هناك من يرى - وبعضهم من المثقفين - ان "لا إصلاح لثورة تحريرية " هل هذا هو الحق فعلاً ام انه الباطل بعينه. وهل حالة" L'Union Sacrée "  بمفهومها التاريخي يمكن إسقاطعها على واقعنا في الوقت الحالي؟
 هذه كلمة حق أريد بها باطل ,نحن لسنا نشاز من الثورات الأخرى حتى في الجزائر الحليف الدائم لو لم تقم ثورة على حزب الشعب آنذاك ماحققت الجزائر ماهي عليه الآن من نعيم الإستقلال هذا مثال بسيط كما ان الصراع الفكري الحاصل داخل حركة فتح الفلسطسينية لم يقضي على جوهر القضية . والحقيقة انه حينما تحيد الثورة عن مبادئها الرئيسية وجب إعادتها لجادة الصواب وبالتالي يصبح مفهوم لابد من ثورة على الثورة منطقي في هذه الحالة ومادامت الثورة تحولت من جبهة الى حزب سياسي في نسخته العقائدية وبنية تنظيمه الصارمة المرتكزة على المركزية فقد أنقلب من أداة تحرير الى آلة إضطهاد فرضت على الجماهير الهجرة الى صحاري العزلة والتشتت والامبالاة والسؤال الجوهري هنا هو كيف حصل الطلاق بين الجماهير واميرها الحديث حسب عبارة غرامشي , ذلك ان حركة التحريرتستمد شرعية من حاجة الجماهير الى قوة تنظيمية ,ترفع من وعيها وتحفزها على النضال بغية تحقيق اهدافها في التحرر من وطأة الإضطهاد والإستعباد بكل أشكاله . وهنا يجب البحث في مسالة الطلاق هته بغية التعرف على الأسباب التي أدت الى إبتعاد الجماهير عن الحركة ,من اجل إرساء وعي مطابق حتى تتعلم الجماهير جدل التاريخ داخل فضاء تنظيمي جماهيري ديمقراطي لاداخل فضاء إضطهاد تقدم فيه الجماعة نفسها قرابين من أجل الزعيم الفرد كإله متقبل للأضاحي البشرية. ومن ثمة يصبح من يتكلم عن انه لا يمكن الإصلاح داخل حركات التحرير أشبه ب"جهد انبيح الكلب اعلى راسو ".
 يرى بعض العارفين بواقع المنطقة ان الاصلاح فيها لا يآتي فقط من " ضغط او حاجة الداخل إليه وإنما يكون متزامنا مع "الضغط الخارجي" كذلك هل توافق هذا الرأي؟
يصح ذلك في دول الجوار أما لدينا فاعتقد أن خصوصية حركة 05مارس انها تنفرد بعدم الخضوع او الخنوع للخارج وبالتالي لم يجد النظام مايستطيع به تشويه هذه الحركة كما فعل مع حركة "خط الشهيد "سابقا وهذا تكتيك يحسب لها ,لكن اعتقد كذلك ان الواقع الدولي قد تغير وان عالمنا العربي يحرك الأرض من تحت كراسيء مستبديه الذين حكموا البلاد بإسم الشرعية الثورية والقضاء على الانظمة الملكية البائدة كما في ليبيا ولكن سرعان ما اصبح الشارع العربي يردد القول العربي "رحم الله الحجاج مااعدله" إذ كشفت الايام زيف إدعاءت الانظمة القومية التي حولت الفرد الى كبش محرقة في سبيل بقاء الزعيم وابناء الزعيم ومن يدلكون بالزيت ظهر الزعيم على رأي نزار قباني. 
كمثقف صحراوي ناشط ومدرك لحيثيات نزاع الصحراء الغربية مارأيك في المفاوضات الغير رسمية الجارية بين جبهة البوليساريو والمغرب وهل ستفضي في رأيك الى نتائج ملموسة؟
إن كانت ستقضي الى نتيجة فهي بكل تاكيد إطالة عمر النزاع . وبالتالي فالكلام عن حوار طرشان وهي الصورة الفعلية للمفاوضات يصبح كمن ينطبق به المثل الصحراوي"اللي غلبت الدنيا إقول الآخرة جات"
ورد في التقرير الاخير للامين العام للامم المتحدة حول الحالة في الصحراء الغربية مصطلحات جديدة لم نتعود عليها من قبل من قبيل " النهج المبتكرة " و " تمثيل الصحراويين " وحتى " مشاعر سكان الصحراء الغربية ...التي لم تتكشف بعد " ما تفسيرك انت لهذا " القاموس" الجديد؟
 الامم التمحدة بدأت تكتشف فشل مهمتها في الإقليم لكنها محرجة من الفصح عن ذلك علانية لذا بدات تبتكر حلول مغلوطة تشبه السم في العسل وذلك يستشف من إقتراح بعض الحلول التي تطيل أمد الحل الجوهري أي تدور برحى الحلول التوافقية من قبيل إجراءات بناء الثقة متمثلة في الزيارات بين طرفي الجدار والتي كانت جوية وستصبح برية ، إبتكار حلول من قبيل تحسين الظروف المعيشية اللاجئين ومحاولة رمي المنشفة بإشراك بعض الصحراويين المحسوبين على المغرب او مايسميه إعلام العدو "بالصحراويين الوحدويين "في مقابل "الصحراويين الإنفصالين" .وهو أمر خطير يؤشر الى تغير مجرى الصراع من تصفية إستعمار الى حرب داخلية بين الصحراويين انفسهم وكأن التجربة الأيرلندية تعيد نفسها والحقيقة ان الامم المتحدة لاتلام على محاولة تملصها من الصراع . والجمل لجرب أيحكلوا الا فمو والفاهم يفهم .
 بعض المتتبعين للشأن الصحراوي يرون ان - النظام - أصابه نوع من "الضعف" في السنوات الاخيرة، هل هذا التشخيص حقيقي ام مجحف؟ اذا كان واقعا حقيقيا فعلا فهل هوناتج فقط عن " ضعف الخلفاء المتأخرين" ام أن الامر أعمق والاسباب أكثر؟
هذا تشخيص متفائل جدا بالنظر للواقع الموجود .صحيح أن أدوات التحليل السياسي التقليدي ليست كافية بحد ذاتها لتفسير جوهر هذا الضعف ومكمن الخلل الموجود بشكل علمي دقيق إلا ان إسقاطها على الواقع يكشف لنا ليس الضعف الحقيقي بل حتى يقدم لنا النتيجة المنطقية لسرقة الجبهة من قبل البعض وتحولها الى خدمة البعض بإسم الشرعية الثورية الأمر الذي نتج عنه وعي مأزوم وشقي ينظر الى الجماهير كدمى تصفق للزعيم الإله. الامر إذن معقد ويحتاج لقراءة تاريخية متأنية وعميقة لإستخلاص العبر
 لاحظنا في الفترة الاخيرة وصف قضية الصحراء الغربية بانها " قضية معقدة " هل هي فعلا كذلك ام يراد لها ان تكون كذلك ؟
طبعا من مصلحة الجميع ان لايرتطم بكرة الثلج المسماة قضية الصحراء الغربية ذلك ان تداعيات الإرتطام ستكون وخيمة .لكن لااعتقد أن مبرر التعقيد في القضية هو الذي يؤخر الحل , بل في غياب صاحب الحق الحقيقي أو تغيبه بشكل ما يوسم التعقيد للقضية .لتفعل القيادة مافعلته قيادات جبهة التحرير الوطني الجزائرية تجسيدا لمقولة احد أبطالها العربي بن مهيدي
"أرموا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب".. وحينها يتضح الخيط الابيض من الاسود في مسالة التعقيد .
 www.futurosahara.net مجلة المستقبل الصحراوي
الأربعاء, يوليو 20, 2011 | 0 التعليقات | إقرأ الموضوع كاملا