اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

البيعة بين طقوس الولاء و بيع العزة و الِاباء

كتب بواسطة : futurosahara on 23‏/08‏/2012 | الخميس, أغسطس 23, 2012


سالم احمدة الصغير
في مشهد بليغ الشبه بلقطة مستوحاة من المسلسلات التاريخية ذات الانتاج السينمائي الضخم والتصوير الاحترافي , التي تروي قصص وسير الفاتحين الابطال , اطل محمد السادس بلباسه التقليدي على صهوة فرسه وهو يخرج من بوابة القصر الملكي تحت نفير مزامير أعضاء من الحرس الملكي اعتلوا بوابة القصروكأنهم قناصة من سلاح المارينز وسط تهليل العبيد وترديدهم لعبارات الولاء والبيعة للملك , ليشق جموع غفيرة من المغاربة ( ممثلين الشعب المغربي: ولاة وعمال الولايات والعمالات والأقاليم٬ مجلس النواب والمستشارين ومستشارو الملك والهيئة الوزارية ورؤساء الهيئات الدستورية وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة وعمال الإدارة المركزية والشخصيات النافذة, من مختلف المناطق والجهات ) وهم ينحنون ثلاثا ورباع مرددين عبارات يمليها عليهم عبيد القصر.
المشهد صوتا وصورة وباخراج متقن ومن زوايا اُحسِنّ اختيارها بدقة , نقل على الهواء مباشرة عبر قناة التلفزة المغربية االرسمية والمحابية للقصر تحت عنوان " حفل االولاء " وما تلى ذلك من طقوس الولاء بتقبيل يد الملك , وما خفي كان اعظم 
وان كانت هذه الاحتفالات و الطقوس وتقديم الولاء والبيعة ليست بالشئ الجديد على المغاربة , فذاك دأبهم منذ عام 1933 تاريخ اول احتفال بعيد العرش , والمغاربة مذ ذاك وهم متخلون عن عزة النفس والاباء , ولكن هذا لا يعنينا في شئ , فأهل مكة ادرى بشعابها .
وان كنا من باب الفطرة السليمة ومنهج العقيدة الاسلامية نعيب عليهم تلك الطقوس المشينة في حقهم كبشر اولا ومخالفتها ا الصريحة لقيم ومبادئ الاسلام في الركوع لغير الله عز وجل , ثانيا .
وما أود الاشارة اليه في هذه العجالة هو تسويق القصر الملكي ووزارة القصور الملكية لهذه الاحتفالية االمذلة في حق المغاربة بانها
" البيعة والولاء لأمير المؤمنيين " مستندين على الحديث الشريف 
"مَن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "
وهي حجة حق يراد بها باطل , فهل توفرت في أميرهم شروط الامامة الصحيحة , من ان يكون عالما مجتهدا ,عادلاً غير فاسق وغيرها من شروط الامامة الصالحة , ليكون اهلا للامارة ومن ثمة للمبايعة والولاء ؟ ام ان على قلوب اقفالها .
بل وذهب بعض المتملقين والمحابين الى تشبيه هذا الفسوق والمجون والدجل ببيعة الشجرة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم . فتلك كانت ان رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، قال حين بلغه أن عثمان قد قتل( وكان قد اوفده الى القريش للتفاوض معها): لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الناس إلى البيعة. فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة.
وكان اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يبايعونه بأيدي مبسوطة لا بالركوع وتقبيل اليد وعبارات سيدي ومولاي واخواتها من عبارات التملق , و رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرف واطهر البرية .
وبايعهم عليه الصلاة والتسليم تحت الشجرة يستظلون بظلها جميعا , لا من فوق صهوة جواد يرمقهم بنظرة الدونية والاستعلاء, محاطا بالعبيد والخدم.
وهذه البيعة هي التي نزل فيها قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }.
وبالعودة للحديث عن احتفالات "البيعة والولاء" لملك المغرب وما يصاحبها من طقوس , أود الاشارة الى مسألتين اثنتين :
أولهما: ان عالم اليوم في القرن الواحد والعشرين , بما عرف من تقدم للبشرية في صعد عدة اهمها اطلاقا , تكريس ادمية البشري كمخلوق كرمه الخالق على سائرالاجناس , وتحريره من الرق والاذلال والنخاسة والاعتراف له بكل حقوقه كاملة غير منقوصة , مجسدة في دساتير وقوانيين الامم والدول قاطبة , ابيضها واسودها , مؤمنها وملحدها , على رأي أمير المؤمنيين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتم احرارا" .
يدهشنا انه مازل الملك المغرب يمارس هواية اذلال رعاياه , وعلى الهواء مباشرة ( زيادة في التشفي) , ممارسات بالية مهينة للكرامة البشرية وحاطة من قيمتها , ممارسات كان اخر العهد بها ايام عز ملوك ادغال افريقيا .
فاين أمير المغرب من امارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وهنا لا انوي المقارنة , تالله ان يكون هناك مجرد تخمينن , وان كنا نلتمس لأمير المغرب بعضا من العذر في ذلك , لأن امراء على شاكلة عمر بن الخطاب ظاهرة لا تقبل االتكرار , وان كان محمد السادس يرى بان امارته بزي حضاري , تحت بند لكل زمان خصوصيته , فاين هو_ ان جاز اللفظ _ من امارة اردوغان , واين هو من ملوك ال سعود , بما يحملونه من لقب, لخدمة الحرمين االشريفين , وما يبسطون عليه حكمهم من قدسية المكان وروحانيته.
ثانيهما : تحدي ملك المغرب الصارخ لارادة شريحة عريضة من احرار المغرب منادية بضرورة تطليق هذه الممارسات التي تمسهم وتنعتهم بالمذلة وتسئ الى سمعتهم بين الامم والشعوب وكأنهم عبيد السلطان . ومن غير الخافي انه في الاوانة الاخيرة ارتفعت عدة اصوات مغربية منادية بألغاء هذه العادات والاعراف والمطالبة صراحة او ضمنا بضرورة الانتقال الى الملكية الدستورية , وهذا في حد ذاته جرأة تحسب لاصحابها , لانهم كسروا طابوها من الطابوهات التي ظلت على امتداد عمر الملكية المخزنية في المغرب من الممنوعات و الخوض فيها خطئية كبرى , والاقتراب منها نوع من الانتحار في رابعة النهار.
فهل اعار محمد السادس رعاياه ذرة استماع , او بماذا اضلته حاشيته وبطانته من انه في مأمن من غضب شعبه اذا ما اصر على اذلاله , وهل غاب عنه ان الرببيع العربي مازال في ذروته ؟ هذا ما صرحت به حركة العدل والاحسان على موقها على شبكة الانترنت بالقول "أعياد بحمد الله تتوالى على الأمة وعروش طغاة تتهاوى تباعا. تُرى، على من يكون الدور من الحكام الطغاة في العيد القابل"؟. 
هذا شأن مغربي صرف ومازلت عند قولي ان اهل مكة ادري بشعابها , لكن هذا مجرد رأئ غير ملزم .
اما الميزانيات الخيالية التي ترصد لهذه المناسبة السنوية على حساب دافع الضرائب المغربي , في وقت تشهد فيه المغرب ازمة اقتصادية خانقة وفي وقت تسن حكومة بن كيران قانون خصم 2% من اجور العمال . فهو ايضا شأن مغربي لا يحلو لي الخوض فيه. 
مع لفت الانتباه الى انه في دوامة الازمة الاقتصادية التي يمر بها العالم فان ملوك و رؤساء دول امثال اسبانيا, فرنسا, تونس ومصر قرروا التنازل كليا او جزئيا عن رواتبهم الشهرية لفائدة شريحة ما من رعاياهم , فقط للعلم .
ولمتذوقي الشعر العربي بعزة نفس واباء , اختم ببعض قول عنترة بن شداد
"لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقيني بالعز كأس الحنظل " .
عيد مبارك سعيد للجميع
وتصبحون على ..... وطنا حرا .