اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

زمور يتألم

كتب بواسطة : futurosahara on 02‏/08‏/2012 | الخميس, أغسطس 02, 2012

 حمادي البشير
لاخلاف على جمال الطبيعة خاصة الجمال البكرالذي لم تتدخل فيه ايادي الانسان، كما انه لاجدال على روعة وحب الوطن وإن كان لاماء فيه ولاهواء ببساطة لأنه وطن كما قال الشاعر:
بلادٌ     ألفناها    على   كل  حالة          وقد يُؤْلَفُ الشيء الذي ليس بالحَسنْ
وتُسْتعذب الأرض التي لا هواء بها          ولا   ماؤها   عذبٌ ، ولكنها  وَطَنْ
زمور جزء عزيز من وطننا الغالي الذي حرمنا من التمتع بجماله بسبب الحرب وظلم الجار، وهو جزء جميل وجذاب وخلاب الطبيعة، مملوء بالاودية ومختلف انواع الاشجار والاعشاب ومثل باقي أجزاء الوطن يصبح جزء من الجنة عندما تجود السماء بالامطار.
تعرض زمور كغيره من جنبات بلادنا للإجتياح المغربي البغيض الذي احرق الاخضر واليابس ونسف اسباب الحياة ولكنه ولأنه غزو همجي لم يكتف فقط بقتل الضحية وتركها تتعفن بل قام بابشع فعل تتأفف حتى الحيوانات من القيام به وهو تشويه جسد الطريدة، ليثبت لنا وللعالم ان المغرب بلد لا يمكن لأي كان أن ينتظر منه الخير، فزرع الالغام وسمم الابار واباد الحيوان والانسان ولكن كل هذه العذابات يمكن ان يمحوها الزمن بمساعدة النسيان ولكن الجرح الذي لا يبرأ ولا يمكن نسيانه هو الذي يبدو جليا امامنا يوميا ويرتسم مؤلما على اجسادنا وعلى جسد ترابنا المعذب وهو الجدار الدفاعي وما يمثله من خنق للحياة وتلطيخ صورة الارض والانسان.
وبغض النظر عن اهمية الجدران الدفاعية واهميتها في تاريخ الجيوش والحروب الانسانية إلا أنه لا يمكن لاي كان أن ينكر انها هي التشويه الاكثر بشاعة لصورة الارض ويزيد من فظاعته صعوبة محوه دون المساس بشكل الطبيعة.
لكن الارض الطيبة لم تتعرض فقط للتشويه من طرف الغزاة الملاعين بل أيضا طالتها أيادي ابناءها عن قصد او جهل او غيره ففي منطقة زمور توجد رقعة جغرافية جذابة وأخاذة تسمى أخشاش وهي منطقة تغطيها الجبال الصخرية المتقاربة تفصل بينها اراضي رملية منبسطة مما يعطي صورة رائعة وساحرة يزيد من جمالها ما يكسو تلك الارض والجبال من نباتات وحشائش تهدب الصورة الكاملة للمنطقة. وأذكر مرة في مطلع التسعينات أنني التقيت بمجند أميركي يعمل في البعثة الاممية للاستفتاء في الصحراء الغربية وقال لي مبهورا: " صدقني إن هذه المنطقة تشبه تماما مناطق خلابة في الغرب الامريكي التي يتم فيها تصوير افلام الكاوبوي إن كنت تعرفها......"
لااعتقد بوجود إختلاف على جمال آخشاش وجاذبيته، ولكنني شعرت بالاسف الكبير الذي يمتزج بحزن مؤلم خلال زيارتي الاخيرة الى هذه المنطقة التي أعرفها جيدا وتذكرت صورتها الرائعة العذرية التي كانت عليها قبل عشرين عاما فقد دهشت وتفاجأت للجروح الغائرة والاخاديد العميقة المؤلمة التي تنتشر في اغلب المنطقة لتغير من شكل الطبيعة وتعبث بجمالها ورونقها والتي يسببها الجدران الدفاعية التي اقامتها السلطات العسكرية حول تواجدات التشكيلات القتالية المقيمة في المنطقة. فقد اقيمت جدران دفاعية مختلفة الاحجام حول مقرات الوحدات القتالية تربط بين الجبال الصخرية وتغير من صورة انبساط الارض وجماله، ولم يكن ذلك في مساحات صغيرة او محدودة يمكن تبرير بناءها بل كست اغلب منطقة آخشاش حتى اصبحت كجسد تعرض لعملية جراحية مئات المرات وأصبح مغطى بالندب والنشائب.
لا اريد ان أخوض جدالا مهما كان حول الاسباب وفعالية تلك التحاليل الامنية والمؤشرات التي بحوزة السلطة التي امرت ببناء الجدران وتشويه صورة الارض ولكنني اقول ووفقا لما اقتنع به او مااراه أنه كان يجب ولايزال التفكير مليا قبل الاقدام على فعل له أضرار على الطبيعة وضرورة وضع الحسابات وإستحضار كل العواقب التي ستنجم عن أي فعل او سياسة مهما كانت خاصة عندما يتعلق الامر بالارض.
لانملك الا الصلاة والدعاء لارضنا الحبيبة بأن لا تطالها العذابات فقد زادت وان تخف عنها الالام وقد زادت وان نقدم على ما يحررها ويكسر القيد عنها فقد طال عليها وعلينا الامد.