اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

إذا جا لعياط من راس الكدية لهروب أمنين؟

كتب بواسطة : futurosahara on 22‏/09‏/2012 | السبت, سبتمبر 22, 2012

الدكتور : مولود أحريطن 
في حقيقة الأمر لقد صدمت بشدة ، كما صدم غيري من المواطنين الصحراويين بعد قراءة المقال المنشور في مجلة المستقبل الصحراوي للكاتب و الصحفي اسلامة الناجم تحت عنوان " الرئيس و أنا" بسبب الاستقبال المهين الذي حظي به هو و زميله الصحفي و الكاتب الكوري سيداتي من قبل السيد رئيس الدولة عندما لجآ إليه لإنصافهما، كونه يتعبر القاضي الأول في الدولة، بعد طردهما من عملهما بشكل تعسفي غير مبرر عقابا لهما على التعبير من خلال كتاباتهم و بشكل مهني و ملتزم عن اعتراضهم على الممارسات الخاطئة التي أصبحت تشكل و اللأسف الشديد داءا عضالا ينخر في كل مفاصل الدولة و مؤسساتها بشكل يبعث على القلق الشديد و الخوف على مستقبل القضية و الدولة.
إن ما حدث من إهانة غير مبررة و غير لائقة لا في حق الصحفيين الذين عرف عنهما الجد و الالتزام و التفاني في عملهما ، و لا من قبل مؤسسة الرئاسة التي يفترض فيها ، بغض النظر عن من يتواجد على رأسها ، أن تكون ذات هيبة و مكانة خاصة و تتعامل مع كل المواطنين بشكل يحترم كرامتهم و يحفظ مكانتها و هيبتها، ما حدث أصابنا جميعا بخيبة امل كبيرة جدا و ذلك نظرا للإعتبارات التالية:
أولا: أن السيد رئيس الدولة يفترض أن يكون هو الأب الحنون لكل الصحراويين بغض النظر عن موافقهم و آراءهم السياسية، ما لم تصل إلى خيانة القضية الوطنية، كما أنه يعتبر القاضي الأول للبلاد و المسؤول عن صيانة حقوق و كرامة كل المواطنين و إنصافهم في حال لجؤ إليه تظلما، كل هذا يفرض على من يتقلد هذا المنصب أن يكون ذات صدر شديد الرحابة و السعة و على قدر عال من المرورنة و الليونة يؤهله للتعامل مع كل العقليات و الافكار ويجعله قادر على احتواء كل الفئات و الاعمار، فالأب مهما غضب من أبنه لا يطرده بل يحاول التفاهم معه بكل هدوء و روية من خلال الحوار البناء للوصول إلى فهمه و احتواءه، و القاضي إذا غضب من المشتكي إليه لا يهينه بل يحاول إستجلاء الأمور منه و الوقوف على حقيقتها لإنصافه.
ثانيا : يفترض بولي الأمر أن يكافئ أولئك الذين يسعون لفضح المفسدين و تعريتهم و كشف الفساد و محاربته للإسهام في إصلاح المجتمع و الرعية و بالتالي مساعدته ـ أي ولي الأمرـ على القيام بمهامه و تخفيف العبء عليه، لا أن يعاقبهم ظلما إذا سعوا للإصلاح و يهينهم إذا قصدوه لإنصافهم.
ثالثا : إذا كان المواطن يهان ويعامل بشكل مذل من طرف من يمثل أعلى سطلة في البلاد و نحن لا زلنا في المنفى و تقيد حريته و يصادر حقه في حرية التعبير و النقد و لا يجد من ينصفه حين يشتكي، فإننا لا يمكن أن نتأمل خيرا مما قد يحدث في المستقبل إذا استمرت الامور على نفس النهج.
رابعا و أخيرا: إذا كان المواطن يهان في وضح النهار من طرف رئيس الدولة الذي يفترض أن يكون مثلا أعلى و قدوة للجميع فقط لأنه لجأ إليه لينصفه، فكيف يكمن أن ننتظر معاملة أحسن من ذلك أو تختلف عنه من طرف من هم دون الرئيس من وزراء و مسؤولين و كيف يمكن أن نلومهم لأنه و كما يقال " البل تبرك على كبارها"؟ و إلى من سيلجأ المواطن المغلوب على أمره للتظلم و المطالبة بحقوقه في ظل غياب سلطة قضائية مستقلة و قوية و عدم وجود مجتمع مدني فاعل يمكن الاستعانة به و خصوصا إذا كان الخصم هو الدولة نفسها فالمثل الشعبي يقول " إذا جا لعياط من راس الكدية لهروب أمنين؟ ". 
إشبيلية في 21 سبتمبر 2012