اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

التحليل، مقلق ... الإجراءات، تدق ناقوس الخطر

كتب بواسطة : futurosahara on 03‏/10‏/2012 | الأربعاء, أكتوبر 03, 2012



حد أمين مولود سعيد 
هناك ميزة أصبحت تطبع علاقات الجمهورية الصحراوية ودبلوماسيتها على المستوى الدولي: تراجع خطير في مؤشر الاعترافات الدولية. 

اليوم، 36 سنة بعد تأسيس الجمهورية الصحراوية، يظهر إن مؤشر الاعترافات، لا يتقدم فقط، إنما، أخطر من ذلك، تراجع إلى مستواه في سنة 1981م. بمعنى أنه لو أخذنا عدد الدول التي اعترفت بالجمهورية (84) وحذفنا منه عدد الدول التي سحبت اعترافها أو جمدت علاقاتها( 36)، سيبقى لنا 46. بالضبط عدد الدول التي كانت تعترف بالجمهورية سنة 1981م، عندما كانت وحداتنا المقاتلة المؤزة تلحق الخسائر بجيش المحتل المغربي في قلتة زمور. 
هنا، أسفل مؤشر توضيحي يُظهر الحالات التي مرت بها الأعترافات بالجمهورية الصحراوية:
إن لهذه المعلومة( الشكل) قيمة هامة، مادام، مثلا، هذا التراجع الهائل يظهر مدى الهزيمة القاسية التي تلقتها دبلوماسيتنا منذ أن تبوأ المغرب مقعدا غير دائم في مجلس الأمن سنة 2012 م. وليست فقط هزيمة قاسية لنا ( هنا نذكر أن المغرب حصل على 153 صوتا؛ أين كانوا إذن ال 84 بلدا التي تعترف بالجمهورية)، إنما، أيضا، وهذا هو الأخطر، جررنا معنا الاتحاد الإفريقي إلى الفشل لإن الاتحاد المذكور، ودعما لنا، أراد أن يحرم المغرب من مقعد غير دائم في مجلس الأمن، لكنه خاب في الأخير أيضا. 
من جهة أخرى، هناك نقطتين طبعتا السياسة الخارجية للبوليساريو: أ) فشل في مخطط السلام؛ وب) عجز تام عن حصد المزيد من الاعترافات أو، على الأقل، وقف نزيف سحب الاعترافات وتجميد العلاقات مع الجمهورية الصحراوية. 
وأمام سيناريو مثل هذا، سيكون من الواضح أن ما يجب أن يحتمه أي مسئول هو اللجوء إلى مخطط استعجالي يتمثل في تجديد المنظومة الدبلوماسية. وسواء تم التسليم بذلك أم لا، فإنه لا يوجد بديل آخر ما عدا ضخ دماء جديدة في المنظومة المشار إليها. إن هذا الأمر يدركه عبد العزيز ومعاونوه جيدا. ومع ذلك، لم يحدث أي شيء من هذا. ففي صنف السفراء والممثلين يوجد واحد فقط تحت سن ال 45 سنة. وهذا الشخص الاستثناء( امرأة) تم دمجه ليس بسبب شفاعة أنها امرأة أو أنها شابة، إنما، بسبب أن لها روابط عائلية مع السيدة الأولى. ونفس الرابطة العائلية هي التي شفعت لواحد من بين الثلاثة الذين تمت ترقيتهم إلى مصاف سفير.
ما عدا ذلك، خاصة إذا استعملنا النسب المئوية، فإن وجود وجوه جديدة، إذا لم نضع في عين الأعتبار معدل العمر، فإنها بالكاد وصلت إلى نسبة 11%( 15% في صنف السفراء، و8% في صنف الممثلين)، مع ملاحظة غريبة وهي أن نسبة نصف ال 11% الجديدة شفعت لها الرابطة العائلية المذكورة. 
في المؤتمر الماضي، الثالث عشر للبوليساريو، تمت الموافقة على القرار الذي يفرض وجود أربع نساء في الأمانة الوطنية للبوليساريو، ورغم ذلك، حين تعلق الأمر بالدبلوماسية، لم توجد اية امرأة في صنف السفراء، أما بالنسبة للممثلين فإن نسبة النساء لم تتعدى بالكاد 11% من مجموع ممثلي البوليساريو في الخارج. 
على مستوى أسبانيا يجب أن لا ننسى المعلومة التالية: بتاريخ 02 أكتوبر 1985م، قامت حكومة الاشتراكي فيلبي غونزاليس بطرد ممثل البوليساريو في أوروبا، الذي يوجد مقره في مدريد، تاركة بذلك البوليساريو بدون تمثيل وبدون علاقات مع أسبانيا.. لكن ما حدث لم يتوقف عند هذا الحد: هناك ما هو أخطر من أن يطردوك، وهو "إن يذهبوا إلى منزلك ليقنعوك، بالضبط، بالذي أنت ترفض." هذا ما حدث لنا نحن للأسف مع أسبانيا.
ومنذ ذلك الحين –سنة 1985م- عانينا كثيرا من أجل أن نضمن العلاقة مع أسبانيا، وظللنا نكافح من أجل جعل هذه الأخيرة توضح موقفها من قضيتنا أو على الأقل تحافظ على وضعها المحايد. ورغم ذلك، في 10 ابريل 2007، نجد حكومة أخرى اشتراكية، حكومة ثاباتيرو، لا زالت تصر على بعث وفد من الحزب الاشتراكي إلى تندوف لتقنع البوليساريو بقبول مخطط الحكم الذاتي المغربي. في الحقيقة، رغم أن ذلك مقيت ومرعب إلا أنه حدث معنا للأسف. 
أكثر من ذلك إن موقف أسبانيا بخصوص ما حدث لمينتو حيدار، ورفضها الواضح لإدانة ما وقع في كديم إزيك يوضح بما لا يدع مجالا للشك، ما "حققناه" مع أسبانيا على مدى 36 سنة. بمعنى أخر، في ما يخص أسبانيا لم نستطيع أن نتقدم فقط إنما تراجعنا. إننا الآن أسوا وضعا منا في سنة 1985م. 
إن هذه المعلومات، ما دامت حقائق، لا تؤكد فقط إلا ما كان قد أعترف به، علنا، البوخاري أحمد عندما قال في ما معناه: " أن موقف أسبانيا يتجه في كل الاحتمالات إلى التصادم مع مصالح الشعب الصحراوي." 
وأمام وضع مثل هذا، سيكون من المنطقي التوصل إلى استنتاج وهو أن الاستراتيجية المنتهجة إلى حد الآن قد فشلت فشلا ذريعا. إن محاولة التأثير على الموقف الرسمي الأسباني من خلال حشد موقف المجتمع المدني المؤيد لنا لم تجني ثمارها. بمعنى آخر هناك مساعدات قيِّمة من الأرز، الكثير من الابتسامات، الكثير من السينما في أعياد الميلاد، لكن الموقف الرسمي الأسباني سيبقى سلبيا حتى درجة التطرف ضد مصالح شعبنا. 
إن نتيجة استنتاج بديهي مثل هذا هي تخفيض – إلى أقصى حد ممكن- العاملين في سلكنا الدبلوماسي المعينين في أسبانيا. لماذا؟ ببساطة شديدة: حتى نتفاعل مع المجتمع المدني الأسباني لا حاجة بممثل رسمي للبوليساريو. في النهاية فإن كُتاب وأشخاص مثل Caro Baroja, J. R. Diego Aguirre, Francisco Villar, Jaime de Piniés, Felipe Briones y el brillante Carlos Ruiz Miguel ، 
قد قاموا بعمل أكثر نفعا وقيمة من كل ما قام به ممثلو البوليساريو ومساعديهم مجتمعين. وفي وضع كالأزمة الاقتصادية المستفحلة حاليا التي أثرت بشكل لافت على المساعدات التي يتم جمعها، فإنه كان من الواجب على مسئولينا تفهم الحاجة إلى تقليص العدد البشري في التمثيليات. لكن ما حدث كان العكس تماما: عدد الأشخاص المعينين في أسبانيا يفوق بالكثير خُمس كل العاملين في سلكنا الدبلوماسي. 
وبعيدا عن النسب العددية فإن العاملين في أسبانيا( ممثلين ومساعدين) بقوا جوهريا هم أنفسهم. هل يمكن أن نأمل أن يقوم هؤلاء في السنوات القادمة بما لم يقوموا به في ال 15 سنة الأخيرة.؟