اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

البروتوكول عندنا

كتب بواسطة : futurosahara on 14‏/10‏/2012 | الأحد, أكتوبر 14, 2012

السلامي محمود      جميع الدول تتفق على ابروتوكول عام  وقواعد تتضمن  ضوابط للمعاملة بين الدول والهيئات  تحترمها وتعمل على تحقيق ألإحترام لمواطنيها، إضافة إلى ما تقوم به من سياسات بناءة تطبيقاً للقوانين  و التشريعات و تسخر امكانات مادية  وبشرية لتحسين صورتها في الفضاء الدولي. وتوكل جزءًا من  هذه المهمة لما يسمى بابروتوكول الدولة الذي ُيعني بالمراسيم والسلوكات الظاهرية التي ينبغي أن يتسم بها الحدث الوطني ، سواء تعلق ألأمر بألافراد  أو المؤسسات . وبعبارة أُخرى فإن الحدث السياسي أو العمل الديبلوماسي على وجه الخصوص يتطلب بروتوكولاً معيناً يتغير حسب  طبيعة ومقتضيات النشاط المُقام به.
إن ألأعما ل البروتوكولية قد تكلف مادياً و بشريا ً، وقد لاتتطلب الشيئ الكثير لكنها تُلزم التقيد ببعض المظاهر الرمزية والخطوات وألإماءات.  مهما كانت شكلية تُعطي العمل المقام به طابعاً لائقاً ، إذ تشد ألإنتباه إلى الرسالة التي نود أبلاغها والافكار الجوهرية  التي نريد إبرازها وفي نفس الوقت تغض الطرف عن القضايا الشكلية التي لاتمثل جزءا من الرسالة التي نرغب في إيصالها. بل تُكون تصوراً عاما عن ماهية الدولة. وفي هذا الجانب هناك دول غربية تتفنن في البروتوكول على درجة الخلط بينه و بين الدعاية  وتسوق لنفسها ببراعة نادرة في ألأوساط الدولية كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل مثلاً.
هذه ألأمور و الخطوات تبدأ بالمظهر العام والملبس واللغة المستعملة والحركات و الإماءات التي يجب ضبطها من لدن الشخصية المعنوية للدولة.  والمسائل المستعملة والمحيط المادي . كل هذه الجوانب يمكن حصرها في كلمة البروتوكول. فالندوة الصحفية لها ابروتوكولها الخاص ، و لإستقبال الضيوف ابوتوكول وهو على درجات ، يتنوع حسب مستوى التمثيل وللمحاضرة بروتوكولها ، وللأنشطة ذات الطابع الشعبي قواعد ابروتوكولية : كتحية ألأحياء  و تحية الموتى   و للزيارات الميدانية ابروتوكولها الخاص وما يصطلح  على تسميته بالمفهوم الحداثي  ب"ألأتيكيت". الذي يُعني بذوق وشعور الآخر.
جميع المراسيم والبروتوكولات  ينبغي أن تشرف عليها جهة تنظيمية قد تكون رئآسة الدولة، رئآسة الوزراء، وزارة الخارجية أو كلها مجتمعة وتصدر المذكرات و ألأدلة والبروتوكولات  للمعنيين و تلزم ألإرتباط بضوابطها. تُرشد الرئيس والوزير والسفير والمدير و الممثل ، تُلزم كل هؤلاء بالإمتثال إلى تعليماتها وعدم الخروج عن القواعد العامة للبروتوكول.
الجهة المعنية تٌرشد إلى الملبس اللائق بالحدث تضبط الإماءات والحركات التي قد يلجاُ إليها المتحدث والتي في الغالب تُشوش على إنتباه المستمعين إذا لم تكن في محلها وتجعلهم يولون ألإهتمام إلى القضايا الثانوية.  هذه السلوكات قد تكون شكلية لكنها مباديء عامة تتبناها ألأنظمة من أجل تسويق صورها . وفي هذا المنوال يتبادر السؤال التالي:
من هو المسؤول عن البروتوكول في الدولة الصحراوية؟
هل هناك إستراتيجية  و مستويات من التكوين في العمل البروتوكولي؟
أعتذر للقاريء على عدم ألإجابة على هذا السؤال إذ لاعلم لي بجهة مسؤولة عن معالجة فن المراسيم كخطوات إعداد ألإستقبالات والحفلات ومهنية الوظائف و قواد السلوك وغيرها.
مؤاخذتي المتواضعة تنحصر في مشاهدة معظم السياسيين الصحراويين يضربون عرض الحائط بأبسط مباديء الحوار . يخرجون عن الضوابط العامة المتعارف عليها في التقديم  وفي التمثيل و التي في مجملها تجمع بين مواصفات الشخصية الوطنية من جهة، شخصية الفرد، ومقتضيات النشاط المقام به . معظم سياسيينا  يصحبون كلامهم بالإماءات والحركات المذهلة التي تشوش على المستمع كتمرير الرأس، فرك ألانف، حركة اليدين و التصفيق، وحركة ألأطرأف  بغير تناسق والرجلين.
مظاهر تُسييئ إلى مكانة الشعب الصحراوي و نخجل من تمثيل صاحبها  لنا.   
في زمن التحرير وفي إطار ألإعداد المبكر لجيل بأكمله لمواجهة اوضاع متميزة تكاد لاتحتمل، قامت المنظمة بإنشاء مراكز للتدريب والتكوين كمدرسة 12 أكتوبر، 27 فبرائر، قاعدة الشهيد هداد وغيرها.... كان غرضها المباشر هو التدريب والتكوين ، لكنها في نفس الوقت كانت تحمل في طياتها إعدادا لجيل بأكمله من الناحية العقائدية  و اثبات نواة الشخصية الوطنية الصحراوية على قياس مباديء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ومشروع الدولة العصرية . و في هذا ألإطار عُمل على تعميق بعض الصفات التارخية للذات الصحراوية كالشجاعة و الحرية والعطاء والتحمل، بالإضافة إلى بعض السلوكات التي تتطلبها مقتضيات الحياة الحديثة كالنظافة ونظام الحياة واحترام الوقت وطاعة المسؤول، وتحديد الأزياء . وكانت مدارس الفروع الطلابية ومدراس ألإطارات والندوات السياسية الفكرية حلقات أساسية في تلك ألإستراتيجية. 
لم ينحصر نفوذ المنظمة على الجوانب المؤسساتية انذاك ، بل تجاوزه  ليمتد الى الحياة الخاصة كعلاقات ألأفراد  وتنظيم ألاسرة ، وإيجاد السبل لتغيير البنى التحتية للمجتمع و إلزام المواطنين بتبنيه من خلال ألأسرة ألصحراوية . نظاماً شمولياً بما في الكلمة من معنى  يتضمن الحياة اليومية من تغذية، وسلوكات عا مة  وأنشطة ثقافية وفنية ، مس الجوانب الروحية والأجتماعية والثقافية. ولم تكن عملية التلقين مكلفة نظراً لبراءة المجتمع وثقته المطلقة في قيادة أبنائه.
و بذ لك العمل نشأت النواة الأولى للشخصية الوطنية الصحراوية الجديدة في الدولة الفتية، شخصية تستمد مقوماتها من الماضي العريق والحاضر الشاق والمستقبل الواعد.  لكن ومع أسفنا الشديد وبتوقف ميكانيزمات الثورة، وعجز قوادها عن إيجاد البدائل تحولت ألإنجازات معظمها إلى ركام ولم يبق سوى الحلم الذي يظل يُراود الصحراويين والصحراويات.
تلك السلوكات .  حصيلة كفيلة بإيجاد قواعد للبروتوكول الصحراوي المتميز الذي يجمع بين قواعد البرتوكول ألأممية الحديثة  و التي نريد لها أن تكون حقاَ محل إعجاب واعتزاز للصحراويين. وبذلك ُيكون البروتوكول عندنا قيمة تُضاف الى مقومات الشخصية الوطنية الصحراوية.