اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

محاولة نقدية لمسار الثورة الصحراوية المعاصر

كتب بواسطة : futurosahara on 10‏/10‏/2012 | الأربعاء, أكتوبر 10, 2012

بقلم : ويسي محمد الخرشي / باحث في العلوم السياسية
في محاولة نقدية لمسار الثورة الصحراوية المعاصر اعتقد ان الذهاب بعيدا والقول ان اجراس الخطر بدأ رنينها يسمع من العيون المحتلة على امتداد الوطن المحتل منه والمحرر. وهو اعتقاد تدعمه دراسة للفعل السياسي الصحراوي عموما ، والمشهد الضيق لميدان تصريفه بالمدن المحتلة على الخصوص .  في المجتمعات الساكنة والمستقرة، كمجتمعنا الصحراوي ، يمكن الجزم بوجود مسار مترابط لحركة المجتمع.. ويعترض هذا المسار في الغالب حالة من التدافع بين من يمتلكون السلطة من جهة، وقوى المجتمع الرافضة لطرق تدبير المرحلة السياسية من حياة ثورتنا المباركة من جهة أخرى،  التي تسعى  لدفع عجلة المجتمع باتجاه التقدم والتحضر.. وغالبا تكون استجابة السلطة لهذا الضغط المجتمعي إما بطيئة  تتخذ من سياسة النفس الطويل مرجعيةأو منعدمة او فلكلورية.. ومع ذلك، فمجرد وجود مسار واضح ومستقر، هو أمر يتيح للمتتبع أن يرسم ملامح  التغيير الممكن في المجتمع، واتجاه هذا التغيير، وطبيعة الخيارات الممكنة.. وهي امور لا نجد لها مكانا في تحليلات او كتابات بعض الزملاء من الكتاب والباحثين الصحراويين. فيكاد بعض الإخوة المشارفة ان يجزموا بعدم وجود نخبة قادرة على الانتاج  ولو نظريا في مجتمع يتوق للحرية، والمفروض فيه أن يفيض بالكتاب و المحللين و الباحثين. وهو ما اتفق معه بدرجات متفاوتة. عود على بدء اتسائل كغيري من الصحراويين هل هناك هدف محدد يسعى له من يقوم بالفعل السياسي الفوضوي ان صح التعبير ؟ هل هناك وضوح فيما يريده الشعب العربي الصحراوي وما هو البرنامج لتحقيق ذلك؟  فما تشير اليه المعطيات يؤكد بما لا يدع مجالا للشك و التبكيت قيد انملة على ان الهدف الذي من اجله وجدت الدولة الصحراوية عجزنا عن تحقيق بعد عقود من الزمن ،و تجارب عنيفة واخرى سلمية..أم أننا نلهث وراء كل ناعق، ونصفق لمن تبرز طبقات حنجرته، فيصدق فينا القول ان العرب ظاهرة صوتية، ونحن جزء من هؤلاء العرب!إلى متى نظل ندور في دوامة حقوق الانسان، ولا نتقدم ثم نلقي اللوم دائما على غيرنا، لأن مشجب الحكومة مثلا والأسرة جاهز، حتى نبعد اللوم والتقصير من جانبنا كشعب اولا ثم كنخبة ثانيا، ضعفت رؤيتنا عن فهم الواقع السياسي والمتغيرات المحيطة به، ومن ثم الفعل السياسي المطلوب، وأننا شعب لا تزال تؤثر فينا القبلية والعائلة والوساطة، حتى في القضايا السياسية الحساسة!و إذن الفعل السياسي في العملية السياسية الصحراوية، بخلاصة فعل غير متزن،فهو لا يخضع لحتمية المتغيرات  لا من الحكومة، ولا من المعارضة الغير واضحة، ولا من التكتلات  الشبه السياسية الضيقة، -حتى لا نقول العائلية -لأنه فعل خارج عن التقييم والتدقيق والبرمجة،أي التخطيط ضمن استراتيجيات معينة، فهو فعل تظاهري لأجل التظاهر و كسب المزيد من النقاط للتموقع تارة، وأحيانا أخرى لكسب تنازلات لمسار عملية هشة.. في حين ان الإنسان الصحراوي لازال يرتكن الى موقع بعيد عن الوعي السياسي الكافي لتقرير مصيره بالسبل اللازمة لذلك ، انه إبعاد قسري دأبت عليه كل الأنظمة التوتاليتارية العربية ومنها نظامنا الحاكم بالدولة الصحراوية -على افتراض ان المؤسسات لا تعمل-ويبدو أن الهبات العربية وزخمها الإعلامي سار في المنحى الذي يخدم حكومتنا الموقرة حيث قللت من قيمة المدخل الفكري والفلسفي في التغيير.. وأعلت من شأن المدخل الحقوقي والسياسي.. ورغم أنهما لا يتناقضان.. إلا أن الفعل الثوري ميدانيا، وقدرته على احتواء مراحل طويلة من التدرج البطيء في العمل السياسي.. بث افكار تعتمد في مجملها على  أن الفضاء الفكري والفلسفي يهدف دوما إلى تعقيد ما هو بسيط، وترتيب الحيثيات، والتوغل  في توهم العوامل المعرقلة، ومحاولة تكريس منطق العبث و يمكن تجاوزذلك دون الحاجة إلى كل هذا التفكيك أو بالضبط محاولة نقد التجربة! وبالتالي فإن التخلي عن العنف كخيار استراتيجي و الدخول في عملية سياسية بغطاء دولي حتم علينا ان نقر ان النهضة الفكرية في المجتمع الصحراوي أبيدت وتبقى منها ما هو دعائي ،تمجيدي ...يخضع هو الأخر لمتغيرات اللعبة السياسية الهشة. أن حيزا هاما من الإشكالية التي تطرحها مسألة الوعي السياسي في مجتمعنا العربي الصحراوي ، على اعتبار إنها الميكانيزم الحيوي لفرض أمر واقع جديد. كان ولا يزال ينصب حول الكيفية التي تمت بها معالجة هذا التصاهر / التنافر بين: الرغبة الواعية في التقدم من قبل المجتمع اليعروبي، واستمرار بعض النزوات المحافظة التي تتميز بها الطبيعة التقليدية لمكونات لمجتمع الصحراوي، فكل محاولات نشر الوعي السياسي التي عرفها مجتمعنا خلال العشرين سنة الأخيرة لم يكن بإمكانها، وربما لن يكون بإمكانها، في المستقبل المنظور على الأقل، تجاهل الحضور القوي لتلك النزوات المحافظة والمكونات التقليدية، التي مثلت، في العديد من الفترات، عوامل إعاقة لأي مشروع تحديثي في المجتمع العربي الصحراوي، خاصة عند الاصطدام المباشر معها،وهي المرحلة التي تبرز فيه الانتهازية عندما تتزعزع مصالحها،وهو ما تؤكده لنا  المعطيات عن النضال الحقوقي الصحراوي،-الذي هو اسقاط للفعل السياسي الصادر عن القادة بالحكومة الصحراوية- والحركات الاحتجاجية المرتبطة به، فالمدافعون عنه يقولون بأن قادته عموما افراد ينتمي غالبهم – من حيث مستوى التعليم والحالة المعيشية – إلى الطبقة الوسطى.. حيث لم تكن دوافعهم الاحتجاجية مرتبطة اساسا بالضغوط المعيشية.. بل كان لتردي الوضع الحقوقي وتقلص مساحة الحريات..  فهكذا أريد لنا ان نتصور السيناريو. في حين ان هؤلاء اول ما قامو به هو افراطهم في تكريس نفس الانماط السياسية بمجتمع يتطور كغيره من المجتمعات.وولدت ما نعيشه اليوم من تشرذم وانكسار، فالانقسام  في حالتنا يعني وجود حالة صراع سياسي ونفسي بين المكوّنات ، فالعمل الثوري يصعب أن يتم في مجتمع يعرف باطنه انقساما حادا على أساس قبلي. وفي ذلك لا ننافق أبدا،و أشير إلى أن مظاهر الوحدة المتبقية هي ما اسميه وحدة العصبة التي تحولت من القبلية الى الحيز الجغرافي كتعبير واضح ان الشباب الصحراوي يخجل من ممارسة الفعل السياسي من منطق قبلي على غرار قادة النضال الحقوقي ،فهذا مؤشر للتباعد الفكري بين الأجيال وعدم اتساقه.. ان أهم الأشياء التي افرزها هذا التوجه. هو النضال الظرفي الذي ينسجم ومخططات المحتل الغاشم، ولا يخضع لحتمية السياق فهو بالمجمل نضال عبارة عن ردود فعل محتشمة لا ترقى ان تصنف كضربات متزنة قاصمة.ان الخيارات امام القادة في حكومتنا الصحراوية تضيق مع مرور الوقت ولن تنفع معه مؤسسة كينيدي ولا منظمات المجتمع الدولي،في حين ان الخيارات امام المجتمع الصحراوي تتسع لتشمل ماهو اخطر، في اعتقاد البعض ،و هو العودة لحمل السلاح وتحقيق ما عجزت عنه الحكومة. ان المسكنات وهوامش اللعب المفروضة في اللعبة السياسية الصحراوية لن تنفع مع ارادة مجتمع متجددة ..  قد تعصف باحلام مشاريع الدول الصديقة والغير صديقة للدولة الصحراوية. ان لم تعرف مسار اخر  يتخذ من التغيير المنتج لعمل سياسي ثوري يعمل على تغيير جذري لقواعد اللعب، ثم تنظيم الحياة السياسية بشكل وقواعد وأدوات جديدة ومختلفة تماما عن ما الفترة السابقة...