اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

تفاؤل حذر بنتائج زيارة هولاند إلى الجزائر

كتب بواسطة : futurosahara on 23‏/12‏/2012 | الأحد, ديسمبر 23, 2012

اسلامه الناجم 
 هل يحق لنا التفاؤل بنتائج وتفاعلات زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الجزائر ؟  قياسا على ما قاله الرجل، الجواب نعم، فقد أعلن عن تطابق وجهات نظر البلدين فيما يخص احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها ، هذا المبدأ الذي تحول إلى القرار 1514، أشهر قرارات الأمم المتحدة وأكثرها نبلا وقيمة، هو مفتاح الحل للنزاع الصحراوي المغربي الذي يدخل عامه ال37 والذي لم يكن يصل إلى هذا الزمن بكل تكاليفه البشرية والمادية والمعنوية ، لولا معاندة فرنسا لإرادة الشعوب وتعطيلها لهذا لقرار وهذا الحق ، فقد كان الفيتو والتأثير الفرنسيين حاضران على الدوام في وجه أي مبادرة من شانها حمل المغرب على احترام الشرعية الدولية و تطبيق القرار 1514، لدرجة أحرجت الأمم المتحدة وباقي هيئاتها وعرضت بسمعتها.
لا خلاف أن القضية الصحراوية كانت ولازالت قضية تصفية استعمار،  ولا خلاف كذلك أن جميع القضايا المماثلة والتي حلت ، تم  ذلك بفضل تطبيق هذا القرار الذي يمنح الشعوب حق تقرير المصير، فطوال العقود التي مرت على النزاع ، لم تفقد الأمم المتحدة ولا  الاتحاد الإفريقي بوصلة الحل والاتجاه الصحيح، لكنهما اصطدما دوما بفيتو فرنسا ومناورات قوى عظمى أخرى، قدمت مصالحها الآنية على احترام حقوق الشعوب بل على السلم والاستقرار العالمي الذي تدعي الدفاع عنه .
نعم يحق لنا التفاؤل، إن كانت فرنسا تريد فعلا التطلع إلى المستقبل، وخلق شراكة ندية مع دول حوض المتوسط خاصة المغاربية، في التنمية والاقتصاد، وهي أشياء لا تقوم دون شرط الاستقرار، الذي هو محصلة السلم والأمن،والذي سيظل مفقودا مادام الشعب الصحراوي لم يحصل على حقه في تقرير مصيره .
اجل نتفاءل عندما يكشف هولاند أمام صحافة العالم، عن تطابق وجهات النظر بين الجزائر وباريس حول الكثير من القضايا ذات البعد الدولي، ما يحملنا على حسن الظن بان الاليزيه الحالي لن يقف حجر عثرة أمام حلها العادل، خاصة ونحن على يقين من أن وجهة النظر الجزائرية منسجمة تماما مع روح ونص القانون الدولي .
لقد وقفت باريس منذ 31 أكتوبر 1975، تاريخ دخول احتلال المغرب للصحراء الغربية ، إلى اليوم ، في وجه إرادة الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال، ووقفت كذلك في وجه المساعي السلمية للأمم المتحدة  والمنظمة الإفريقية، الرامية لإيجاد حل لهذا النزاع ، ولم توفر وسيلة إلا واستعملتها، من التدخل المباشر في الصراع وقصف وحدات الجيش الصحراوي بطائرات الجاغوار، إلى  ابتزاز الدول الإفريقية ومساومتها في دعم مشاريعها التنموية وهي دول فقيرة، وتهديد أنظمة الحكم فيها بالانقلابات، واللجوء إليها إن لم ينفع التهديد كحالة بوريكينا فاصو، كل هذا  في سبيل إرضاء غرور حليفها  في التوسع والهيمنة، وحفظا لماء وجهه عندما فشل مشروعه وانهارت أحلامه، أمام الصمود الأسطوري للصحراويين ومقاومتهم الباسلة لتحرير وطنهم، وأيضا في سبيل مصالحها في المغرب .
هذه المصالح الكثيرة والمتداخلة في الاقتصاد والسياسة المغربيين هي ما يمنعنا من الإفراط في التفاؤل، وهي مصالح إن دققنا فيها النظر ، ليست مصالح حيوية للدولة الفرنسية  بقدر ما هي مصالح لنخبها الاقتصادية  الباحثة عن ربح سريع يتيحه الفساد المتفشي في المغرب بتشجيع من القصر نفسه ، ولنخبها السياسية الممولة  من هذا الفساد و التي تمنح بموجبه أيضا لقاء خدمتها امتيازات في المغرب  بعد تقاعدها آخر أمثلتها ساركوزي  ويمكن قول ذات الشيء في نخبها الثقافية والرياضية و  وغيرهم من وجوه المجتمع الفرنسي، مصالح مشبوهة كشفها وفضحها عدد من كتاب فرنسا على رأسهم جيل بيرو في كتابه الشهير صديقنا الملك.  
شبكة المصالح المعقدة هذه ، لا تغيب عن بال الرئيس الفرنسي الجديد، وهي من القوة بحيث يصعب اقتلاعها أو محاربتها فهي متغلغلة في عمق الدولة الفرنسية، لكن يمكن مضايقتها من خلال تعاون وثيق وندي مع الجزائر ذات الثروات والإمكانات الهائلة .
نعم نتفاءل بتصريح هولاند ان حل القضية الصحراوية  في مجلس الأمن الدولي  شريطة ان تتخلى فرنسا عن استعمال هذا المجلس وسيلة  لإجهاض حلم الصحراويين وتطلعهم المشروع إلى دولة مستقلة من خلال تمكينهم من حق تقرير المصير وهو وحق تؤكده مواثيق الأمم المتحدة ومؤسساتها ومجلس الأمن من ضمنها.