بلغ الفساد في مفاصل الدولة عندنا حتى نخاع العظم واستشرى سرطان الرشوة والمحسوبية الى حد اصبح لايطاق ولا يمكن للمواطن تحمل تبعات اجراءات صورية وعقاب يفرض عليه بالدفع بعد ان اثقلت كاهله سنوات انتظار طويلة بمتطلبات حياة اللجوء الصعبة وضروريات معيشة ضنكاء اصلا فزاده جشع المسؤولين عندنا وطمع المرتزقة طامة اخرى.
من بين كل هذا و بقلب محطم يخرج المواطن المسكين من خيمته وهو المعدم المنتظر الباحث عن لقمة عيش لابناءه وبناته ليبدا في دفع ضرائب فرضت عليه جزافا تذهب الى جيوب الفاسدين والمفسدين في هياكل تنظيمنا المهترئ ، فمن نصيبه الشهري يدفع لكي توصل المؤن الى خيمته ، اخذت سنوات الانتظار من النسوة جهدهن ، و في لحظة ما يشعر المواطن ان له دولة ووثائق ثبوتية تميزه عن باقي الجيران تزداد عزته بنفسه و يبلغ به التفاخر بادارته حد الخروج في طلب وثائق تعتبر حق له فيسميها "مكسبا" حصل عليه بفضل تضحياته خلال سنوات النضال ، فجاة يدرك ان الحصول عليها يتطلب منه ان يدفع لشهادة الميلاد وحدها مبلغ يزيد عن دخله الاسبوعي ان كان عاملا بسيطا في مؤسسة وطنية !.. وثيقة الميلاد تباع للمواطن كسلعة ولا ياخذها كحق ، تصوروا اننا عندما نريد ان نسافر الى ارضنا المحررة ندفع ضريبة جزافية اخرى مقابل ان نمنح تراخيص المرور و ضريبة اخرى على حمولة سياراتنا او زاد الطريق الذي ناخذه معنا ، لقد تحولت ابراج المراقبة الحدودية والداخلية الى مراكز لدفع الضرائب المباشرة تفرض عليك دون وجه حق و بدون اي تشريع.. كم انت سخي ايها المواطن الكريم ؟!!.. عندما تدفع مما لا تملك لتبتاع قطعة ارض في "حمادة" خالية كانت لا تصلح ان تكون مأوى لاي شي قبل ان تسكنها انت وتجعل منها ارضا و وطنا تقدر امتارها بثمن لا تستطيع دفعه !..و مع ذلك فلا تلوم احد ايها المواطن، انك انت الذي اخترت لنفسك ان تصبح زبونا لمن ينهبون حقوقك لتشتريها منهم باثمان باهضة من اجل ان تعالج مرضك و من اجل ان تسد حاجتك الضرورية ومن اجل ان ترسل مريضا لديك ليتلقى العلاج في الخارج ومن اجل .. و من اجل ... اذن ايها الشعب الميسور الحال ادفع من جيبك وادفع من عمرك وادفع بابنائك ومن خيرتهم وادفع من تضحياتك .. ويجب ان تدفع كل حريتك لكي تنعم بالامن فساعات الليل هي وقت زائد عليك ونحتاجها لنجعلها ساعات الضريبة المضاعفة عليك ففيها تدفع لكي تنقل مريض الى المستشفى و فيها تدفع لكي تشارك صديق فرحه او قريب عزائه وتدفع لكي تنقل جنازة الى المقبرة وتدفع. لانك تمشي في تلك الساعات، فبالليل ممنوع ان تمشي ، فقط عليك ان تدفع فلابد ان يجد افراد قواننا العمومية ما يشترون به " افشاي " عند بزوق الفجر ليخلدو بعدها للنوم، هكذا هو حال "قوات القمع العمومية" في دولتك ايها المواطن وانت تنتظر عند نوافذ كتب عليها كذبا "ادارة" هناك يجب ان تدفع كذلك والا ؟!.. فوثائق سيارتك او بطاقة تعريفك الخاصة و رخصة السياقة ستبقى في الحجز !!.. انه القانون الذي يقول لك ايها المواطن : .." ادفع ثم ادفع فجيبك في خدمة جيوب الفاسدين ورموز الفساد في الدولة الفتية " اما حقوقك فهي مكفولة لك في دولة مستقلة ان شاء الله ولا تسالني متى ذلك !!.. كل عام وانت دافع ضرائب بامتياز.
