اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

يا ليت بريطانيا استعمرت الصحراء الغربية

كتب بواسطة : futurosahara on 19‏/09‏/2014 | الجمعة, سبتمبر 19, 2014

السيد حمدي يحظيه     

برودة أعصاب بريطانيا

بكل راديكالية وحماس وبعناد أيضا، يمكن وصف بريطانيا الآن أنها أحسن بلد يزدهر فيه مفهوم وتطبيق الديمقراطية في العالم بعد استفتاء اسكتلندا الناجح. فببرودة أعصاب شديدة وببرودة ذهن أشد استجابت بريطانيا للدعوات المتكررة التي كان يطلقها بعض الوطنيون الاسكتلنديون في الخفاء بصوت هامس أو بصوت مرتفع في الساحات مطالبين باستفتاء تقرير المصير في اسكتلندا.

كانت مغامرة كبيرة بالنسبة لبريطانيا، لكن الديمقراطية وحرية التعبير بالنسبة لهذا البلد المثلج الذي أستمد أهله برودة الأعصاب من برودة الجو كانت فوق المصلحة وفوق كل اعتبار وفوق كل شيء. إنها مغامرة فعلا. تصوروا لو أن الاسكتلنديون صوتوا بنعم لصالح الاستقلال.؟

كانت مغامرة لكن على الطريقة البريطانية. لو كان الاسكتلنديون صوتوا بنعم على الاستقلال كانت بريطانيا ستخسر نصف مساحتها تقريبا وستخسر بترولها في البحر وستخسر 90% من الخمور ( الويسكي) التي تصدر للخارج. كانت ستخسر كل هذا لو صوَّت الاسكتلنديون "بنعم" لصالح الاستقلال.

مرة أخرى، نعيد القول إن بريطانيا هي احسن بلد تنمو فيه زهرة ومفهوم الديمقراطية في العالم. الأسباب بسيطة: أولا، غامرت بنصف مساحتها وبنصف ثروتها من أجل الديمقراطية؛ وثانيا سمحت للذين كانوا يتكلمون في الخفاء ويقولون أنهم يريدون الحرية؛ سمحت لهم بالتصويت بحرية شفافة أن يصوتوا بصوت مرتفع؛ ثالثا، أن الشعب الاسكتلندي رفض السيادة والحرية والعلم والاستقلال وكل هذه الامتيازات وفضَّل البقاء في إطار بريطانيا. أول مرة تقريبا في التاريخ تُمنح لشعب الحرية والاستقلال، لكن يرفضها. السبب بسيط مرة أخرى؛ لو لم تكن في بريطانيا ديمقراطية وحرية وشفافية وعدل ما كان الاسكتلنديون تشبثوا بها وبكوا وهم يقبلون أرجلها كي يبقون في إطارها.

لو كانت بريطانيا استعمرتنا

بعض الشيوخ الصحراويون يقولون الآن أن الانكليز حالوا استعمار الصحراء الغربية في قرون ماضية، وأن المقاومة منعتهم. ليتها لم تفعل، وليتها وقَّعت معهم اتفاقية تسمح باستعمارهم للصحراء الغربية بدل الدولة الفاشية الأسبانية. لو كان المقاومون الصحراويون سمحوا لبريطانيا أن تستعمرنا كنا حصلنا على استقلالنا منذ زمن بعيد. لكن مشكلتنا أنه استعمرتنا دويلة فاشية هي أسبانيا التي منعتنا من تقرير المصير وتمنع اليوم كتالونيا والباسك من تقرير المصير، أيضا، عكس ما فعلت بريطانيا تماما. أسبانيا اليوم تريد منع الشعب الكتلاني والشعب الباسكي من الاستقلال وأكثر من ذلك، وعكس بريطانيا تماما، تريد منع حتى الاستفتاء. وأخزى من كل هذا وأطم هو أن أسبانيا الفاشية هذه سلمتنا نحن وأرضنا وخيراتنا وتقرير مصيرنا لدويلة مخزية أخرى هي المغرب؛ دويلة أكثر فاشية من كل الدول الفاشية في التاريخ مجتمعة؛ دويلة\ مميليكة رجعية مخزية لا تسمح حتى بالتظاهر فما بالك بالاستفتاء.

لنلبس معاطفنا ونتوجه إلى بريطانيا 

استفتاء اسكتلندا يمكن أن يَكُونَ مهما، في المستقبل، على قضية الصحراء، ويمكن أن يجعل بريطانيا تتخلص من عقدة اسكتلندا وتناضل بأكثر جرأة من أجل حق الشعب الصحراوي في فرصة يعبر من خلالها، بحرية وبدون ضغط، عن مستقبله مثلما فعلت هي في اسكتلندا.

في واقع الأمر نحن ينقصنا دعم واضح في مجلس الأمن، وبريطانيا هي المؤهلة الآن كي تلعب هذا الدور لو توجهنا نحوها. فمنذ مدة وهي تناضل معنا في كل مكان رغم ضغط أمريكا عليها، لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن بريطانيا لا يضغط عليها الاتحاد الأوروبي ولا تضغط عليها فرنسا مثلما هي الحال مع ألمانيا. إن استفتاء اسكتلندا سيجعل بريطانيا تضغط في اتجاه أن يحصل الشعب الصحراوي على فرصة يقرر فيها مصيره قدوة بما فعلت هي في اسكتلندا.

في الأخير يذهب بنا التمني والحلم بعيدا ويجعلنا حتى نفكر في طلب من بريطانيا، ورسميا، أن تتفضل باستعمارنا، وإذا طلبتنا أن نستقل في المستقبل وأجرت لنا استفتاء سنرفض الاستقلال مثلما رفضت اسكتلندا. المهم أي شيء يفصلنا مع المغرب وأسبانيا. 
يمكنك مشاركة الموضوع مع اصدقائك عن طريق الضغط على إشارة الفيسبوك ادناه.