اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

تصلب الشرايين

كتب بواسطة : futurosahara on 14‏/09‏/2014 | الأحد, سبتمبر 14, 2014

بقلم : اسلامة الناجم

عافانا الله وإياكم من العنوان اعلاه، ليس في نيتي ولا تخصصي الكتابة عنه علميا او طبيا، لكني اعتقد ان الكائن السياسي يمرض ويتعرض لذات امراض الكائن الحي، وعليه فالبوليساريو ولاسباب سأشرحها تعاني من تصلب الشرايين فكل اعراضه ماثلة للعيان.  

ان الذي لا تريد البوليساريو الاعتراف به وتصر- في عناد عجيب- على تجاهله هو حاجتها الى التجديد، وعندما اقول  البوليساريو اقصد الكادر القيادي لا المنهج او الادبيات، والمشكلة ان هذا الكادر الذي شاخ جسدا وفكرا، لجأ الى حماية نفسه من المساءلة، وذلك من خلال اضعاف المؤسسات  التشريعية والقضائية وإفراغها من محتواها. لا احد يدري ما الفائدة من هكذا فعل وسياسة  سبّبا ولازالا هذا الوضع المتدهور على كافة الصعد، و اطلقا العنان للفساد حتى تغول والتهم كل شيء. ان قيادة البوليساريو وخاصة امينها العام تهدر الفرصة تلو الاخرى في الاصلاح والعودة بالحركة الى سابق عهدها من القوة والتوهج حين كان الكادر شابا وحيويا ومبادرا. انها تهدر  الفرصة وتغامر بمستقبل الحركة نفسها كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي.

منذ نشأتها ذات الـ  10ماي 1973 الى الان و الى غاية المستقبل المنظور ظلت وتظل هي ممثل الصحراويين الشرعي الوحيد لأنها جسدت امله في طلب الحرية والاستقلال، وحققت حلمه في وحدة وطنية تلم صفوفه في مواجهة التحديات الجمة التي تهدد وجوده وكيانه، لكن ممارسات قيادتها الان هي ابعد ما تكون عن تحقيق الاستقلال، بل انها باتت تعبث بالوحدة الوطنية من خلال تخليها عن دورها لصالح القبلية وتقاعسها المستمر امام زحفها، وايضا من خلال غلق المشاركة السياسية امام الكافة وحصرها في عدد محدود ومشروط بالولاء، واصبحت كـ "التي نقضت غزلاها من بعد قوة انكاثا"  .

ان الاستقلال الوطني مطمح كل الصحراويين قدموا من اجله كل غالي ومازالوا وسيظلون على استعداد لتقديمه، لذلك التفوا بسرعة فائقة حول الجبهة التي حملت هذه الفكر  وقرنته بالعمل، لذا وجب التذكير  دائما ان مبرر شرعية التمثيل مستمدة من مدى الالتزام بالفكرة و القدرة على فرضها واقعا من خلال العمل الدؤوب. وليس فقط من خلال الكلام في المناسبات كما يفعل الامين العام للجبهة .

الحقيقة المرة التي نعرفها جميعا و اولنا الامين العام للجبهة ، لكنه لا يريد سماعها - بدليل منعه لأي مداخلات خلال لقاءاته الاخيرة مع الجماهير ومع الاطر -  هي ان سنوات الحرب الستة عشر وما شهدته الجبهة خلالها من نجاح منقطع النظير في عديد المجالات، اقتاتت عليها سنوات ما بعد وقف اطلاق النار  واكلتها حتى العظم، بل ان هناك جيلا كاملا لم يعرف تلك المرحلة، وفتح عينيه فقط على هذا التخبط والارتباك. 

ان الانكار لا يجدي، والاختباء وراء الاصبع لا ينفع، وسياسة الترقيع او الهروب الى الامام لا تخدم المصلحة الوطنية، علينا مواجهة مشاكلنا وحلها، واولها الانسداد الذي تعرفه القضية والسبب قيادة تحولت الى طغمة احتكرت الخطاب والوطنية وتاجرت بهما تقرب من تشاء  وتقصي من تشاء والهدف البقاء في السلطة، هنا يكمن الخطأ والخطر فعدم التجديد والتمسك بالسلطة بالمبررات الواهية جعل الحركة تشيخ قبل الوقت واصابها بتصلب الشرايين وراكم عليها جميع اعراض وامراض النظام الشمولي من تحكم وحكم العائلة الى فقدان الهيبة والمصداقية وبالتالي الثقة.

نحن فعلا  في مفترق طرق اما نكون اولا نكون، فالمرحلة حاسمة تتطلب دون شك تظافر جهود الجميع دون اقصاء او تخوين . يجب ضخ دماء جديدة في الكادر القيادي وفسح المجال للشباب ليقوم بدوره لا بد له ايضا من كوطة او نسبة في الكادر حتى نضمن التجديد السلس .

ينسبون إلى أينشتاين توصيفه للغباء بأنه " فعل نفس الشىء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة" . ربما لو عرف العالم الكبير قيادتنا و رأى ما تفعل  لأعاد التفكير في تعريفه للغباء  و لتشكك في عقله هو. فقيادتنا تفاوض المغرب تحت وساطة الامم المتحدة لأكثر من عشرين سنة وما زالت بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وتنتظر نتائج مختلفة . بل ان هذه السمة غالبة في كل ما تفعله قيادتنا منذ ان قدر الله علينا توليها زمام امرنا، الندوات، المؤتمرات، البرامج ،حتى الوعود، كلها نفس الاسلوب ونفس الخطوات وتنتظر نتائج مختلفة.

كانت حساسية المرحلة تفرض عقد المؤتمر في هذه السنة وليس التأجيل- الذي لا معنى له سوى الافلاس- من اجل بلورة خطة شاملة تغير الاوضاع على الارض وتجعلها لصالحنا استعدادا واستفارا. لكن ما ذا نقول لمن لم يعد يرى في القضية سوى سلطة وحكم وامتياز وصلاحيات؟ ومع ذلك لن نتعب من  مخاطبة القيادة ومحاولة ايقاظها من الوهم الذي تعيش فيه، وان تكف عن الغباء او على الاقل ان تبتعد عن مواصفاته والتي منها  "فعل نفس الشىء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة" كما قال اينشتاين، او لعل الاحرى ان نكف نحن عن تعاطي الغباء لاننا (اختارنا) على الدوام نفس القيادة  وننتظر منها نتائج مختلفة  اعتقد انه بات على الغيورين على القضية الخائفين على مصير الشعب والوطن ان يفكروا في طريقة للحل تكون جذرية  وحاسمة لتفادي خطر تصلب الشرايين الذي تعاني منه الحركة المؤدي الى الذبح الصدرية او السكتة الدماغية والشلل لكن هذه الطريقة او الرؤية تحتاج موضوعا مستقلا  ان شاء الله .
يمكنك مشاركة الموضوع مع اصدقائك عن طريق الضغط على إشارة الفيسبوك ادناه.