اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الاستمرار في السلطة يكون بالضرورة على حساب قضايا الوطن

كتب بواسطة : futurosahara on 15‏/09‏/2014 | الاثنين, سبتمبر 15, 2014

بقلم : محمد لحسن.
نحن لا نشكل الاستثناء عن بقية الشعوب والمجتمعات التي سبقتنا الى انشاء الدولة، والتي وصلت عبر تجاربها واستنتاجات علماء الفكر السياسي لديها الى ان الاستمرار في السلطة يكون بالضرورة على حساب قضايا الوطن، رغم اختلاف اهمية تلك القضايا من وطن الى اخر.
ولدراسة حالتنا او بالأحرى حالة نظامنا السياسي، وفق هذه القاعدة "الاستمرار في السلطة يأتي على حساب قضايا الوطن" والاجابة على السؤال كيف يتم ذلك؟ يجب ان نحدد قضايانا الاساسية المقصودة بقضايا الوطن وقبل ذلك نجيب على السؤال هل لدينا عملية استمرار في السلطة ام لا؟
هذا السؤال يجيب عن نفسه لأن الرئيس يشغل نفس المنصب منذ 38 سنة والوزير الأول على رأس الحكومة منذ 12 سنة، وزير الدفاع يشغل المنصب منذ 20 سنة، وزير الخارجية في ذات المنصب منذ 16 سنة واغلب البقية منذ عقود وهي تتعاقب على المناصب.
اما قضايا الوطن عندنا يمكن ان تختصر في قضيتين اساسيتين هما: تحرير الوطن وبناء مؤسساته على اسس صحيحة قادرة على حماية حقوق ابنائه وقابلة لمسايرة تطور المجتمع الدولي.  
وبالعودة الى السؤال لماذا وكيف يكون الاستمرار في السلطة على حساب هاتين القضيتين؟ لأن هناك تناسب عكسي بين قوة السلطة وقوة المؤسسات، فكل ما كانت السلطة قوية والصلاحيات الممنوحة لصانع القرار واسعة وغير محدودة تكون المؤسسات ضعيفة، فتغول سلطة الفرد التي هي نتيجة حتمية لعملية الاستمرار في السلطة تكون بالضرورة على حساب المؤسسة .
ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ فكل ما تقزم دور سلطة المؤسسات الدستورية كبر دور المؤسسات الاجتماعية ( القبيلة) التي يعمل صانع القرار على توظيفها في عملية الامساك بالسلطة رغم انها عكس شعار مشروع الحداثة الذي يحمل وهذا رأيناه في ليبيا وفي الطائفية في سوريا وغيرها وهي قائمة كذلك عندنا، وعملية السيطرة على دواليب الحكم تقتضي ايضا قتل البديل داخل النظام عن طريق توريطه في عمليات الفساد، فكل الاسماء التي يمكن ان تشكل البديل لراس النظام يتم القضاء عليها بتوريطها في الفساد او بتوظيفها في اماكن غير مناسبة لها ليحكم عليها بالفشل، حتى يقضي على قواعدها الشعبية ويصبح مصدر قوتها الوحيد هو قربها من صانع القرار، وهذا امثلته ايضا قائمة في الانظمة السالفة الذكر .
وتؤدي عملية التقادم في السلطة الى الخلط بين الحاكم والقضية بل إحلال الحاكم محلها الذي يتحول بشكل آلي في اختيار اركان حكمه واطارات سلطته الى مقياس الولاء بدل الكفاءة، بهذه الطريقة يتشكل نظام قيادته فوق القانون والحساب و البديل فيه معدوم، والقبيلة فيه اقوى من المؤسسة الدستورية، والولاء اولى من الكفاءة والفساد اداة للبقاء ، وبهذه النتيجة يكون الاستمرار في السلطة على حساب القضيتين المحددتين سلفا: تحرير الوطن وبناء مؤسساته على اسس صحيحة قادرة على حماية حقوق ابنائه وقابلة لمسايرة تطور المجتمع الدولي
نحن بشر وبالتالي مجتمع كباقي المجتمعات وليس محتم علينا ان نبدأ من حيث بدأ الاخرون حتى نصل بعد قرون الى ما هم فيه اليوم ، بل يجب ان نبدأ من حيث انتهوا من دولة المؤسسات من التداول على السلمي على السلطة من الفصل بين السلطات وغيرها من صفات المجتمعات الحديثة.
كي نستطيع ان نحقق مشروعنا في الحرية والتحرر وفي اضعف الايمان نضمن انتقال سلس لهذا المشروع الى الاجيال دون المغامرة باندثاره بعد زوال رموزه، فما اجمل ان يشرف الرئيس محمد عبد العزيز على انتقال السلطة الى خليفة من اختياره وهو في كامل قوته ليبقى رمزا في ذاكرة الاجيال شبيها ب"مانديلا"، بدل ان تكون نهايته شبيهة "بالحبيب بورقيبة"، او المغامرة بالفوضى بعد رحيله لا قدر الله.

يمكنك مشاركة الموضوع مع اصدقائك عن طريق الضغط على إشارة الفيسبوك ادناه.